قصة قصيدة يا إخوتي إن الهوى قاتلي
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا إخوتي إنّ الهوى قاتلي” فيروى بأن الشاعر أبو الشمقمق كان كثير المعارضة للشاعر أبو العتاهية، وسبب ذلك كثرة مخالطته للغلمان، وفي يوم قال له: هل تضع نفسك في مثل هذا الموضع، وأنت صاحب قدر كبير؟، فقال له أبو العتاهية: والله إني لا أخالطهم إلا لكي أعرف مكايدهم، وأحفظ كلامهم، وفي يوم من الأيام اجتمع الاثنان في بيت رجل يقال له ابن أذين، وكان بين الاثنان خصومات وكراهية، وقبل أن يدخل أبو العتاهية إلى المجلس، قام أهل البيت بإخفاء أبو الشمقمق في غرفة أخرى.
وعندما دخل أبو العتاهية إلى المجلس، ونظر في أرجاءه، لمح إحدى الجواري، وكانت الجارية شديدة الجمال، فقال لصاحب البيت: متى أتيت بهذه الجاري؟، فقال له: من قريب، قل فيها بعضًا من الشعر، فمد أبو العتاهية يده لها، وأنشد قائلًا:
يا إِخوَتي إِنَّ الهَوى قاتِلي
فَيَسِّروا الأَكفانَ مِن عاجِلِ
وَلا تَلوموا في اتِّباعِ الهَوى
فَإِنَّني في شُغُلٍ شاغِلِ
عَيني عَلى عُتبَةَ مُنهَلَّةٌ
بِدَمعِها المُنسَكِبِ السائِلِ
يا مَن رَأى قَبلي قَتيلاً بَكى
مِن شِدَّةِ الوَجدِ عَلى القاتِلِ
حتى وصل إلى قوله:
بَسَطتُ كَفّي نَحوَكُم سائِلاً
ماذا تَرُدّونَ عَلى السائِلِ
إِن لَم تُنيلوهُ فَقولوا لَهُ
قَولاً جَميلاً بَدَلَ النائِلِ
أَوكُنتُمُ العامَ عَلى عُسرَةٍ
مِنهُ فَمَنّوهُ إِلى قابِلِ
كَأَنَّها مِن حُسنِها دُرَّةٌ
أَخرَجَها اليَمُّ إِلى الساحِلِ
كَأَنَّ في فيها وَفي طَرفِها
سَواحِراً أَقبَلنَ مِن بابِلِ
لَم يُبقِ مِنّي حُبُّها ما خَلا
حُشاشَةً في بَدَنٍ ناحِلِ
وعندها صاح أبو الشمقمق من الغرفة المجاورة، قائلًا:
نردُّ في كفّكَ ذا فَيْشةٍ يشفي
جوّى في استِكَ من داخِلِ
نبذة عن الشاعر أبو العتاهية
هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي، وهو من قبيلة عنزة، وهو من أهم شعراء العصر العباسي، ولد بالقرب من كربلاء في عام مائة وثلاثون للهجرة، ولكنه نشأ في الكوفة، كان مائلًا للعلم والأدب، وقال الشعر حتى نبغ فيه.
اتصل بالعديد من الخلفاء العباسيين، ومن أهمهم الخليفة المهدي، توفي في بغداد في عام مئتان وثلاثة عشر للهجرة.