قصة قصيدة يا حسن الوجه سيء الأدب
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا حسن الوجه سيء الأدب” فيروى بأنه الجارية فضل كانت كثيرًا ما تقول الشعر في سعيد بن حميد، كما كان هو أيضًا يقول الشعر فيها، وكانا كلما اشتاقا لبعضهما البعض أسرعا بكتابة أبيات رقيقة من الشعر، ومن ذلك أن فضل بعثت في يوم من الأيام بكتاب إلى سعيد وهو في مجلس الحسن بن مخلد، وكتبت في هذا الكتاب أبياتًا من الشعر قالت فيها:
الصبر ينقص والسقام يزيد
والدار دانية وأنت بعيد
أشكوك أم أشكو إليك فإنه
لا يستطيع سواهما المجهود
إني أعوذ بحرمتي بك في الهوى
من أن يطاع لديك في حسود
ومن ذلك أيضًا أبياتًا أنشدتها فضل، تشكو فيها لوعة الحب وصبابة العشق ومرار البعد عن سعيد، وقالت ي هذه الأبيات:
لأكتمن الذي بالقلب من حرق
حتى أموت ولم يعلم به الناس
ولا يقال شكا من كان يعشقه
إن الشكاة لمن تهوى هي اليأس
ولا أبوح بشيء كنت أكتمه
عند الجلوس إذا ما دارت الكأس
كما أنها قد عمدت في أبيات أخريات إلى مناجاة سعيد، على أن يبادلها العشق الذي في قلبها له، فبعثت إليه بأبيات من الشعر قالت فيها:
وعيشك لو صرحت باسمك في الهوى
لأقصرت عن أشياء في الهزل والجد
ولكنني أبدي لهذا مودتي
وذاك وأخلو فيك بالبث والوجد
مخافة أن يغرى بنا قول كاشح
عدو فيسعى بالوصال إلى البعد
وقد كانت فضل تغار بشدة على حبيبها الوزير سعيد بن حميد، فقد وصلها في يوم من الأيام خبر بأنه يحب جارية من الجواري، فكتبت إليه أبياتا توبخه فيها وتحذره من الجواري، وتظهره على حقيقة أخلاقهن وما خفي من سلوكهن، لأنها من أهل الخبرة في هذا الشأن إذا هي واحدة منهن، حيث قالت فضل في أبياتها لسعيد:
يا حسن الوجه سيء الأدب
شبت وأنت الغلام في الأدب
ويحك إن القيان كالشرك
المنصوب بين الغرور والكذب
بينا تشكى إليك إذا خرجت
من لحظات الشكوى إلى الطلب
تلحظ هذا وذاك وذا
لحظ محب بعين مكتسب
نبذة عن فضل جارية المتوكل
هي فضل جارية المتوكل، شاعرة من شاعرات العصر العباسي، ولدت في اليمامة، وتعد من أفضل الشاعرات وأفصحهن في زمانها.