قصة قصيدة يا خالد إن هذا الدهر فجعنا:
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا خالد إن هذا الدهر فجعنا” فيروى بأن الروم عندما رأوا من سليمان بن خالد بن الوليد، وما عنده من شجاعة وبسالة في فتح بهنسا في مصر، قاموا بنصب كمين له ومن معه، وأحاط به ما يزيد على الألفي مقاتل، وضربوا جواده من تحته، فأمسك بسيفه بيده اليمنى، وأخذ يضرب فيهم بها حتى قطعت، فأمسك بسيفه بيده اليسرى واستمر في ضربهم، حتى قطعوها له هي الأخرى، وأحاطوا به من جميع الجوانب، وأخذوا يطعنوا به في صدره حتى أنهكته الجراح وسقط على الأرض، فأخذ نفسًا عميقًا، وقال: الآن سوف ألقى أحبتي.
وعندما مات سليمان بن خالد، قام صديقه زياد بن المغيرة بإرسال كتاب إلى ابيه خالد بن الوليد، يعزيه به في سليمان، وكتب في قائلًا:
يا خالد إن هذا الدهر فجعنا
في سيد كان يوم الحرب مقداما
مجندل الفرس في الهيجا إذا اجتمعت
وللصناديد يوم الحرب خصاما
لا يملك الضد من أبطالنا أملا
أن حاز ساعده القصاص صمصاما
يا طول ما هزم الأعدا بصارمه
أنالهم منه تنكيسا وارغاما
كأنه الليث وسط الغاب إذ وردت
له العدا وعلى الأشبال قد حامى
يا عين جودي بفيض الدمع منك دما
بل واندبي فارسا قد كان ضرغاما
والسيد الفرد عبد الله قد حكمت
به المنايا وحكم الله قد داما
نجم الفتى العلم المقداد خير فتى
قد كان في ملتقى الاعداء هجاما
وعندما وصل الكتاب إلى خالد، سقط على الأرض مغميًا عليه، وعندما أفاق قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم إني قد احتسبته إليك، وأنشد قائلًا:
جرى مدمعـي فوق المحآجر منهمل
وحر فؤادي من جوى العين يشعل
وهام فؤاد حين أخبـرت نعيه
فليت بشير البين لا كان قد وصل
لقـد ذوب الأحشا وأجرى مدامعي
صبيباً وعن نـار الفؤاد فلا تسل
سأبكي عليـه كلمـا أقبــل المسا
وما ابتسم الصبح المنير وما استهل
لقــد ذوب الأحشا وأجـرى مدامعي
صبيباً وعن نـار الفؤاد فلا تسل
نبذة عن زياد بن المغيرة:
هو زياد بن المغيرة، قاتل مع سليمان بن خالد بن الوليد في معركته الأخيرة قبل أن يقتل، وهو أحد أعيان مصر.