قصة قصيدة يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة” فيروى بأن أبا نواس كان منذ صغره يحب أن يحضر مجالس العلم، حيث كان يعمل في إحدى محال العطارة، وكان عندما ينتهي من عمله يتوجه من فوره إلى الكتاب ويدرس القرآن والفقه والتفسير، وكان قد حفظ القرآن الكريم، ولكنه في يوم من الأيام التقى بأحد شعراء الكوفة وكان اسمه والبة بن الحباب، فنصحه والبة بأن ينتقل معه إلى الكوفة، فوافق أبو نواس وغادر مدينته وانتقل إلى الكوفة، ولكن والبة كان مشهورًا بشرب الخمر، والمجون وحبه لمجالسة النساء، فتعلم منه أبو نواس كل ذلك.
واتصل أبو نواس بالخلفاء العباسيين، حيث كان صاحب مكانة عالية عند الخليفة هارون الرشيد، ولكن وعلى الرغم من ذلك فقد حبس لأكثر من مرة بسبب ما كان يقوله من شعر في الخمر والمجون، وفي أواخر حياته بدأ يتوب إلى الله تعالى، وترك كل ما كان فيه من خلاعة ومجون، ولكن الناس لم يصدقوا أن أحدًا بمثل صفاته يمكن أن يتوب توبة صادقة، وعندما مات وفي يوم رآه أحد أصحابه في المنام، وسأله عن حاله، فقال له: إن الله تعالى قد غفر لي كل ذنوبي، فقال له صاحبه: وبماذا غفر الله لك ذنوبك؟، فقال له: لقد كتبت أبياتًا من الشعر قبل أن أموت، وبسبب هذه الأبيات غفر الله لي.
فتعجب صديقه من خبره حيث أن كل أشعاره كانت في الخمر والمجون، فذهب إلى منزله، وأخبر والدة أبي نواس بخبر ما رآه في منامه، فبكت بكاء شديدًا، وقامت إلى غرفتها وأحضرت ورقة كانت قد وجدتها تحت فراش أبي نواس بعد أن مات، وأعطتها لصديقه، فإذ مكتوب فيها:
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ
فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً
فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا
وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ
نبذة عن أبي نواس
هو الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح الحكمي المذحجي، كان معروفًا بأبي نواس، واحد من أشهر شعراء الدولة العباسية.