قصة قصيدة يا صاحبي ألما بي بمنزلة

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة يا صاحبي ألما بي بمنزلة

أمّا عن مناسبة قصيدة “يا صاحبي ألما بي بمنزلة” فيروى بأنّه في يوم من الأيام كان نوفل بن مساحق قريبًا من ديار بني عامر، فرأى المجنون وهو عاري ويلعب بالتراب، فاقترب منه وألبسه ثوبًا، فقال له من كان حاضرًا: ألا تعلم من هذا؟، فقال لهم: لا والله، فقالوا له: إنّه المجنون قيس بن الملوح، وإنه لا يلبس الثياب، فعاد إليه، وكلمه، ولكن قيسًا كان يجيبه على ير ما يسأله عنه، فقالوا له: إن أردت أن يجيبك بكلام صحيح، فعليك أن تذكر له اسم محبوبته ليلى، واسأله عنها، فعاد إليه وذكر له اسم ليلى، فأخذ قيس يجيبه بأفضل الكلام، وينشده شعرًا فيها، فقال له نوفل: هل جعلك الحب على الحال التي أرى؟، فقال له قيس نعم، فقال له: هل تحب أن أزوجك منها، فقال له: وهل تستطيع ذلك؟، فقال له: نعم، تعال معي إلى ديارها وسوف أخطبها لك، وأدفع لها مهرها.

فتوجه قيس ونوفل إلى ديار ليلى، وعندما وصل الخبر إلى أهلها بقدومه، استقبلوه بالسلاح، وقالوا له: يا نوفل، لا يدخل قيس إلى ديارنا، فقد هدر السلطان دمه، فعادا من الطريق، فقال له قيس: لم تفي بعهدك، فقال له: إن جنونك أهون علي من سفك الدماء، وفي خبر ذلك أنشد قيس بن الملوح قائلًا:

يا صاحِبَيَّ أَلِمّا بي بِمَنزِلَةٍ
قَد مَرَّ حينٌ عَلَيها أَيُّما حينِ

في كُلِّ مَنزِلَةٍ ديوانُ مَعرِفَةٍ
لَم يُبقِ باقِيَةً ذِكرُ الدَواوينِ

إِنّي أَرى رَجَعاتِ الحُبِّ تَقتُلُني
وَكانَ في بَدئِها ما كانَ يَكفيني

لا خَيرَ في الحُبِّ لَيسَت فيهِ قارِعَةٌ
كَأَنَّ صاحِبَها في نَزعِ مَوتونِ

إِن قالَ عُذّالُهُ مَهلاً فُلانٌ لَهُم
قالَ الهَوى غَيرُ هَذا القَولِ يُعنيني

أَلقى مِنَ اليَأسِ تاراتٍ فَتَقتُلُني
وَلِلرَجاءِ بَشاشاتٌ فَتُحيِيني

وفي رجوع عقله عند ذكرها يقول:

أَيا وَيحَ مَن أَمسى يُخَلَّسُ عَقلُهُ
فَأَصبَحَ مَذهوباً بِهِ كُلَّ مَذهَبِ

خَلِيّاً مِنَ الخُلّانِ إِلّا مُعَذَّباً
يُضاحِكُني مَن كانَ يَهوى تَجَنُّبي

إِذا ذُكِرَت لَيلى عَقَلتُ وَراجَعَت
رَوائِعُ قَلبي مِن هَوىً مُتَشَعِّبِ

وَقالوا صَحيحٌ ما بِهِ طَيفُ جِنَّةٍ
وَلا الهَمُّ إِلّا بِاِفتِراءِ التَكَذُّبِ

وَلي سَقَطاتٌ حينَ أُغفِلُ ذِكرَها
يَغوصُ عَلَيها مَن أَرادَ تَعَقُّبي

وَشاهِدُ وَجدي دَمعُ عَيني وَحُبُّها
يَرى اللَحمَ عَن أَحناءِ عَظمي وَمَنكَبي

تَجَنَّبتُ لَيلى أَن يَلِجَّ بِيَ الهَوى
وَهَيهاتَ كانَ الحُبُّ قَبلَ التَجَنُّبِ

فَما مُغزِلٌ أَدماءُ باتَ عَزالُها
بِأَسفَلِ نِهيٍ ذي عَرارٍ وَحَلَّبِ

نبذة عن قيس بن الملوح

هو قيس بن الملوّح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة، من شعراء العصر الأموي، ومن المتيمين، لقب بالمجنون بسبب هيامه في حب ليلى العامرية.


شارك المقالة: