قصة قصيدة يا وارث الأرض هب لي منك مغفرة
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا وارث الأرض هب لي منك مغفرة” فيروى بأنه كان هنالك شاب في مدينة الكوفة في العراق، وكان هذا الشاب ملتزمًا بصلاته، عابدًا لله، وكان جميل الوجه، حسن القامة، وفي يوم رأته امرأة من نساء المدينة، فوقعت في حبه، وأغرمت به، وفي اليوم التالي انتظرته أمام المسجد، وعندما خرج، أوقفته وأرادت أن تتكلم معه، ولكنه لم يتوقف واستمر بالمسير، وفي اليوم التالي انتظرته في نفس المكان حتى أتى، فأوقفته، وقالت له: أريد أن أتحدث معك، فقال لها: إن الوقوف مع امرأة يعد شبهة، وأنا أكره أن أكون في موضع شبهة، فقالت له: والله إني أعلم بأمرك، وما حملني على إيقافك إلا لشدة تفكيري بك، فأكمل الشاب مسيره، وعاد إلى منزله، وتوضأ لكي يصلي، ولكنه لم يستطع أن يصلي، فأمسك بورقة وكتب عليها بأن الله يغفر لعبده إن عصاه، وستر عليه إن أعاد المعصية، ولكن كثرة تكرار المعصية تغضب الله تعالى، ومن ثم نصحها بأن تنساه.
وخرج من المنزل، وعاد إلى نفس المكان الذي لقيها به، وإذ بها تنتظره في نفس المكان، فأعطاها الكتاب، ومن ثم عاد إلى المنزل، فأمسكت الفتاة بالكتاب، وقرأتها، وتوجهت عائدة إلى بيتها، وبعد عدة أيام عادت إلى نفس المكان، وأخذت تنتظره، وعندما أقبل ورآها، أراد أن يعود قبل أن يصلها، ولكنها نادت عليه، وقالت له: لا تعد، فإن هذا آخر لقاء بيني وبينك، ومن ثم قالت له: انصحني وعظني، فقال لها: أوصيك بتقوى الله، وحفظ نفسك من نفسك، فبكت الفتاة بكاء شديدًا، حتى أغمي عليها، وعندما أفاقت أنشدت قائلة:
لألبسَنّ لهذا الأمرِ مِدْرَعَةً
ولا ركنتُ إلى لذّاتِ دنُيايا
ثم عادت إلى بيتها، والتزمت فيه لا تخرج منه أبدًا، وهي تعبد الله، وكانت إذا أتعبها شوقها إليه أخذت كتابه ووضعته على عينيها، فيقولون لها: وهل يفيدك هذا بشيء؟، فتقول: لا يوجد عندي دواء غيره، وإذا أتى الليل دخلت إلى غرفتها وبدأت بالصلاة، وعندما تنتهي تنشد قائلة:
يا وَارِثَ الأرْض هبْ لي منك مغفِرَةً
وحلّ عني هوى ذا الهاجِرِ الدّاني
وانظُرْ إلى خَلّتي، يا مُشتَكى حَزَني،
بنَظرَةٍ منك تجلو كلَّ أحزَاني
وبقيت على هذه الحال حتى ماتت.
حالة الشاعرة
كانت حالة الشاعرة عندما أنشدت هذا البيت الحزن الشديد بسبب أعراض من تحب عنها، والتضرع إلى الله بأن ينسيها حبها لحبيبها.