قصة قصيدة ينام من شاء على غفلة
أمّا عن مناسبة قصيدة “ينام من شاء على غفلة” فيروى بأن رجلًا في البصرة يقال له عبد الواحد بن زيد قام في يوم من الأيام يريد أن يقوم الليل، ولكنه عندما وقف على قدمه، أحس بألم شديد فيها، فلم يتمكن من الوقوف عليها، فتحامل على نفسه، ولكن عجز، فقام بجمع إزاره في المحراب، ووضعها تحت رأسه ونام، وبينما هو نائم رأى فتاة شديدة الجمال، كأنها جوهرة شفافة، وترتدي من الملابس ما يفرح الناظر إليه، ومن خلفها جواري كأنهن أقمار، فأقبلت الفتاة إليه، ومعها جواريها، ووقفت فوق رأسه، وقالت لجواريها: احملنه، ولكن لا تؤذينه، فحملته الجواري، حتى وصلن به إلى فراشه، فقالت لهن الفتاة: ضعنه على الفراش، ومهدنه، ففعلن كما أمرتهن.
فأقبلت الفتاة، وجلست بجانبه، وأخذت تلمس مكان ألمه، وبعد أن انتهت قالت له: أنا لك، فجد في طلبك إياي، ومن ثم قالت له: قم إلى صلاتك من دون أذى، فاستيقظ من نومه، ولم يكن بقدمه أي ألم، وصلى.
ومن بعد ذلك أخذ يبحث عنها، ولكنه لم يتمكن من إيجادها، وبعد عام رأى في يوم شابًا، وكان معه ورقة، فاقترب الشاب منه وأعطاه الورقة، فأخذها، وقرأ ما فيها، فكان بها:
ينام من شاء على غفلة
والنوم كالموت فلا تتكل
تنقطع الأعمال فيه كما
تنقطع الدنيا على المنتقل
ومن بعد ذلك اليوم أصبح يردد هذه الأبيات في كل ساعة من يومه، ويقول فرق الموت بين المصلين ولذة الصلاة.
نبذة عن عبد الواحد بن زيد
هو عبد الواحد بن زيد أبو عبيدة البصري، ولد في مدينة البصرة في العراق ونشأ فيها، وتعلم العلوم الشرعية على يد علمائها، وأصبح خطيبًا من خطبائها، وهو أحد تلاميذ أبو الحسن البصري، كان يروي الحديث، ولكن لا أحد يأخذ بروايته، لأنه كان ممن أزاد في العبادة حتى غفل عن الإتقان، كما قال عنه ابن حيان.
كان شيخ الصوفية في عصره، وكان من أكثرهم زهدًا، توفي في عام سبعمائة وثلاثة وتسعون ميلادي في مدينة البصرة.