قصة كورموران كورنيش العملاق

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول أحد الأشخاص الذي يتميز بجسد ضخم لم يسبق له مثيل، إذ قام ببناء حصن عظيم وفي كل يوم كان يقوم بسرقة ماشية سكان القرية ولم يتمكن أحد من ردعه بسبب ضخامته، إلى أن جاء ذلك اليوم وقام أحد الفتية بتلقينه درساً لن ينساه مدى حياته.

الشخصيات

  • الرجل العملاق كورموران
  • زوجة العملاق كورميليان
  • الفتى جاك
  • سكان القرية

قصة كورموران كورنيش العملاق

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول واحدة من الجزر والتي تعرف باسم جزيرة جبل سانت مايكل، وتلك الجزيرة تقع في إحدى المناطق والتي تعرف باسم منطقة كورنوال، تتصف الجزيرة بالعديد من المواصفات التي تجعلها مختلفة عن الغالبية العظمى من الجزر، وأول تلك الصفات هو أنه في حالة انخفاض المد ليس بالإمكان الوصول إليها، إلا من خلال السير على الأقدام، بينما عند ارتفاع المد، لا يمكن لأي شخص على الإطلاق الوصول إليها، إلا من خلال استخدام القارب.

والصفة الثانية هي أن تلك الجزيرة تتميز بشدة الانحدار وبأكملها صخرية، كما أنها يوجد على أراضيها ميناء صغير وقرية صغيرة وواحدة من أشهر القلاع في المنطقة، وتلك القلعة متواجدة على أعلى تلك جبل الجزيرة، وقد تمت الإشارة إلى أن تلك الجزيرة لم تكن تلك حالها أول ما تم اكتشافها، إذ أنها في البداية كانت عبارة عن قطعة أرض محاطة بغابة، ومع مرور الوقت أصبح محاطة ببحر، وفي الحقيقة يشار إلى أن تلك الجزيرة هي في الأصل تم بنائها من قِبل أحد الأشخاص وهو ما يعرف بالعملاق كورموران.

حيث أن العملاق كورموران عاش منذ زمن طويل في تلك المناطق، وخلال فترة إقامته لم يكن لطيف على الاطلاق مع سكان المنطقة، وقد تم وصفه أنه كان رجل ضخم جداً أكبر من أي شجرة في الغابة المحيطة، كما أنه كان لديه لحية كثيفة وعينان صغيرتان متدنيتان المظهر، وأول ما ظهر العملاق في تلك الجزيرة كان يقيم بها مع زوجته وتدعى كورميليان، والتي بدورها كانت تتميز بذات الصفات التي يتميز بها زوجها، حتى أنها كانت بذات الحجم الضخم، وباستمرار كانت تتفاخر جدًا بتلك الجزيرة الضخمة التي صنعها زوجها.

وفي يوم من الأيام قال لها زوجها الضخم: أريد بناء حصن ضخم جداَ من مادة الجرانيت، وفي تلك اللحظة أخذت تفكر قليلاً في تلك الفكرة العظيمة بالنسبة لها، ثم قالت: نعم يا عزيزي إنها فكرة جيدة، ولكن هناك خطب ما، وهو أنه جميع الجرانيت يوجد في المحجر البعيد من هنا، وهذا الأمر قد يصعب علينا الأمر، فلماذا لا نقوم ببناء الحصن من الحجر الأخضر؟ فبذلك لا نضطر إلى الذهاب بعيدًا للوصول إلى الجرانيت.

ولكن ذلك الاقتراح لم يكن يتناسب مع أفكار الزوج الضخم، وقال لها: لا أعتقد أن الحجر الأخضر سوف يكون جيدًا بما يكفي لمعقله، لا تكوني كسولة سوف نستخدم مادة الجرانيت، فتلك المادة جميلة جداً في البناء كما أنها صلبة وقوية، سوف نذهب إلى المحجر كل يوم ونقوم بنقل الجرانيت حتى يكون لدينا ما يكفي من الصخور حينما نبدأ ببناء الحصن، أريده أن يكون حجمه أكبر من حجمنا، وبإمكانك يا زوجتي العزيزة أن تقومي باستخدام الجيوب الموجودة في ثيابك من أجل وضع بعض من الصخور صغيرة الحجم.

وبالفعل منذ صباح اليوم التالي بدأ الزوجان في العمل وجمع صخور الجرانيت وتكديسها في مجموعات على أراضي الغابة، وعند حلول نهاية أول أسبوع تمكن الزوجان من الحصول على ما يكفي من الصخور لإنشاء قاعدة الحصن، والتي كانت تصل فقط إلى منطقة الكاحل لديهم فقط.

وفي ذلك الوقت بعد أن تم إنشاء القواعد أشارت الزوجة الضخمة إلى أن بناء ذلك الحصن سوف يستغرق وقتًا طويلاً، وما كان يثيرها في الكثير من الأحيان هو أن زوجها لم يكن فضيعاً ولئيمًا فقط، بل فوق ذلك كان كسول، إذ انه أثناء فترة الظهيرة وتحت أشعة الشمس الحارة كان يجلس في ظل شجرته المفضلة ويأخذ قيلولة بينما تاركاً زوجته بمفردها تنقل الجرانيت.

وفي الأسبوع الثاني شعرت الزوجة الضخمة أنها قد أثقل على كاهلها، وأخذت تفكر في نفسها وقالت: الحجر الأخضر أخف بكثير في الحمل، إذا قمت بإخفائه تحت بعض الجرانيت، فأنا متأكد من أن زوجي لن يلاحظ ذلك أبدًا، ولن نحتاج إلى حصن من المقام الأول حالنا كحال بيوت الجيران.

ومنذ ذلك اليوم بدأت الزوجة الضخمة بجمع الحجر الأخضر وتقوم بوضعه فوق بعضه البعض ومضت على تلك الحالة حتى جمعت كومة من الصخور، وفي لحظة من اللحظات استيقظ فجأة زوجها، وأول ما شاهد ذلك المنظر صرخ بها وقال: ماذا تعتقدين أنك تفعلي؟! لقد طلبت منك أن تقومي بجمع الجرانيت فقط! هيا أعيدي تلك الحجار الخضراء من ذلك المكان الذي جئت به منها، وحينما سمعت الزوجة بذلك أخذت نفس عميق وهدأت من غضبها قليلاً، إذ لم تكن ترغب في الجدال معه، وقامت بإعادة الأحجار الخضراء إلى مكانها.

وفي إحدى المرات أثناء طريق عودتها إلى أسفل الجسر بينما كانت تعيد الحجارة إلى مكانها، قُطعت خيوط المريلة التي ترتديها وسقط حجر أخضر على الأرض، وهنا أخذ زوجها بالتذمر وبحلق عينيه بها، لكنه حينها لم يتلفظ بأي كلمة لها، وعلى إثر ذلك قررت الزوجة ترك الحجر الذي سقط مكانه، ومرة على مرة كان كلما سقط حجر تحت الجسر تتركه الزوجة مكانه، وقد أصبحت تلك الحجارة مع الوقت هو المكان الذي يعبره الناس من أجل الوصول إلى جبل سانت مايكل عند ارتفاع المد.

وفي النهاية بعد جهد عظيم تمكنا الزوجان من إنهاء بناء ذلك الحصن العظيم والضخم، ولكن ذلك الأمر لم يكن يرضي سكان تلك المناطق، حيث أنهم حينما شاهدوا ذلك الحصن العظيم والذي كان على شكل جبل ثاروا وأشاروا إلى أنه كيف سوف يتم إيقاف ذلك العملاق؟ فمنذ اليوم لن يكون أي من أبقارنا أو أغنامنا بأمان، إذ أصبح بإمكان كورموران أخذهم إلى حصنه دون أن نعرف! وبهذا سوف نتضور جوعاً.

وبالفعل ذلك ما حدث، حيث أن الرجل العملاق كان في كل يوم يسرق من الماشية ويذبحها ويتناولها، وفي يوم من الأيام جاء أحد الفتية إلى المدينة ويدعى جاك، وقد كان جاك قد سمع عن سرقة العملاق للماشية وسئم منها، فقرر أن يتصرف بنفسه، وذات ليلة تمكن من التسلل إلى الخارج ونصب فخًا لتعليم العملاق درسًا لن ينساه مدى حياته.

وذلك الفخ كان عبارة عن حفرة ضخمة قام جاك بحفرها بالقرب من الجسر وقام بتغطيتها بالقش والفروع لإخفائها عن الأنظار، وأول ما أصبحت تلك الحفرة جاهزة، سار جاك إلى مقدمة جبل سانت مايكل ونفخ في بوق، وحينما سمع العملاق صوت البوق استيقظ من نومة غاضبًا، وخرج إلى جاك وصرخ به غاضباً وقال: ماذا تعتقد أنك تفعل أيها الفتى الأحمق، وفي تلك اللحظة دعا جاك الشجاع وقال: أراهن أنك لا تستطيع الإمساك بي، فرد عليه الرجل العملاق: سوف أطاردك أيها القذر وأمسك بك، ثم سوف تعتذر مني بنفسك لأنك أيقظتني من قيلولتي.

فأجابه جاك: هيا تعال إذن، كان جاك سريعًا، لكن كورموران كان لديه ساقان أطول وأسرع، ومع كل خطوة من قدم العملاق الضخمة، كانت تهتز الأرض وترتجف الأشجار، وفي الثانية الأخيرة قام جاك بإغلاق الجسر وحينما لم يتمكن العملاق التوقف في الوقت المناسب، سقط في الحفرة.

وهنا صرخ العملاق بأعلى صوته، وفي تلك اللحظة سار جاك باتجاه حافة الحفرة ونظر إلى أسفل، وقال: آمل أن يعلمك هذا درسًا، يجب ألا يسرق العمالقة ماشية الضعفاء، وأخيراً ذهب جاك ليقوم بمغامرة أخرى، بينما كورموران وكورميليان، فلم يضايقوا جيرانهم مرة أخرى.

العبرة من القصة هي أنه مهما كان الإنسان الظالم له قوة وسلطة، إلا أنه سوف يأتي ذلك اليوم الذي ينتهي به جبروته.


شارك المقالة: