تُعتبر هذه القصة من القصص التي صدرت عن الأديبة مارتا سيربيانو، وقد تناولت في مضمونها الحديث حول سيدة غامضة قدمت إلى عائلة في يوم من الأيام وجلبت معها الحظ الجيد لهم، وعندما رحلت عن تلك المدينة جلب رحيلها اللعنة على كافة الرجال الموجودين في المدينة، وقد تمت الإشارة بالقصة على أنها إحدى الأساطير الأيرلندية.
قصة لعنة الرجال بأولستر
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول الشخصية الرئيسية فيها وهو رجل يدعى كرونك، وقد كان ذلك الرجل يعمل في مجال الزراعة، وهو رجل أرمل يقيم مع أبنائه في إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة أولستر والتي كانت واقعة بين سلسلة من الجبال، وفي يوم من الأيام بينما كان يجلس السيد كرونك وحيدًا في منزله، قدمت إليه إحدى السيدات، وقد كانت تلك السيدة تتمتع بجمال فائق، حينها دخلت إلى داخل المنزل وجلست به بكل راحة وسكينة، إذ بدا عليها أنها تقيم في ذلك المنزل منذ سنوات طويلة مع كرونك وأبنائه.
وقد كان ظهور تلك السيدة من الأمور التي أثارت التعجب والاستغراب في تفكير السيد كرونك، فبالفعل كانت تصرفاتها وسلوكياتها في تلك اللحظات ما تثير الاستغراب، لكن على الرغم من كل ذلك لم يقوم أي شخص من تلك العائلة بسؤالها حول أي أمر، مثل من تكون؟ أو من أين جاءت؟ أو سبب زيارتها المفاجئة؟ بل استقبلوا الأمر بصدارة رحب ووافقوا أن تقيم معهم حال كحال باقي أفراد العائلة دون معرفة أي معلومات حول حياتها.
وفي ذلك الوقت بدا للجميع أن ظهور تلك السيدة وكأنها نوع من أنواع السحر، حيث أنها منذ تلك اللحظة التي وطأة بها قدمها أرض المنزل ازداد ثراء السيد كرونك، كما أن الحظ بدأ يبتسم له، وفي أحد الأيام قام حاكم المدينة بطلب استدعاء حضور مجموعة من رجال المدينة إلى العاصمة؛ وذلك من أجل إقامة بعض الاحتفالات في تلك المدينة، وقد كان السيد كرونك من بين تلك المجموعة من الرجال الذين تمت دعوتهم لحضور تلك الاحتفالات، وبالفعل لبى كرونك طلب الحاكم وتوجه نحو العاصمة، وفي ذلك الوقت ترك السيدة الغامضة في المنزل، وفي تلك الأثناء طلبت منه السيدة أن لا يقوم بالتطرق للحديث مع أي شخص عنها، وهنا رد عليها كرونك بوعدها بذلك الأمر، ثم بعد ذلك مضى في طريقه إلى العاصمة.
وحينما وصل كرونك إلى ساحة الاحتفالات، كان من بين الأجواء الاحتفالية وجود العديد من السيارات التي تجرها الخيول، وقد كانت تلك السيارات قد دخلت في سباق ضخم؛ وذلك من أجل تحديد أي الأحصنة أسرع، وفي بداية المسابقة كانت جميع الخيول تهرول بسرعات هائلة وفائقة؛ وذلك من أجل أن تحظى بالفوز والانتصار، وفي تلك الأثناء كان كرونك قد استمتع بسماعه إلى أصوات الجماهير الحاضرة، حيث كانوا يرددون: لا يوجد في العالم أجمع أسرع من تلك الخيول، وهنا كان يهز برأسه، إذ يبدو أن يستنكر ويسخر ما يرددونه، وهذا ما دفع به إلى الحديث ما يكنه داخله، فقال حينها أمام الجميع أنه لديه سيدة قد حضرت إلى منزله، وتمتلك قوى خارقة، وأنه على يقين كامل بأن تلك السيدة تستطيع أن تجري بسرعة أكثر من تلك الخيول.
وفي ذلك الوقت تقدم الحاكم إلى مكان السباقة وطلب أن يلتقي مع المُزارع، وعندما التقى به قال: أتحداك أن يكون ما تلفظ به أن يكون حقيقي، وفي حال خسرت التحدي سوف تنال عقاب على ذلك الموت بالإعدام شنقاً، وفي تلك اللحظة أرسل الحاكم على الفور أحد الحراس إلى منزل كرونك؛ وذلك حتى يحضر السيدة الغامضة، وحينما وصل إليها الحارس حاولت استدراجه من أجل معرفة السبب حول طلب الحاكم لمقابلتها، لم تحصل منه على أي كلمة فحاولت التهرب منه بحجة أنها سيدة حامل، وهنا أخبرها الحارس بأن الحاكم أخبر الجميع في حال لم تأتي معه، فإنه سوف يقوم بقتل زوجها.
سمعت السيدة هذا الكلام ذهبت برفقته إلى العاصمة، ولكن عندما وصلت كانت أعراض الحمل تبدو عليها واضحة وأنها في المراحل النهائية من حملها، وهذا ما جعلها تطلب من الحاكم أن يعفيها من تلك المهمة، ولكن فضول الحاكم جعله يصر على تنفيذ طلبه، إذ رغب من التأكد من حديث السيد كرونك.
وفي تلك الأثناء وقفت السيدة بين جموع الرجال وهو يعتريها اليأس من ذلك الموقف الذي وضعها به السيد كرونك، وقد حاولت أن تستدرج عواطف الحشود بحديثها أنها سيدة تستحق منهم الشفقة والرحمة بوضعها وحالتها، إلا أنه لم يكن أحداً منهم يهتم بتوسلاتها، وأداروا وجوههم إلى الجهة الأخرى، حيث لم تحرك كلماتها العاطفية المؤثرة أي قلب من قلوب الجماهير، ولم يبقى أمامها إلى أن تخوض تلك المسابقة؛ وذلك من أجل إنقاذ المُزارع الذي كان قد كن لها مشاعر الحب منذ اللحظة الأولى التي دخلت فيها منزله.
وعند خط الانطلاق تم سؤال السيدة عن اسمها، وهنا رجعت إلى جانب الحاكم وهمست في أذنه: اسمي! إنني أدعى ماشا وأنا ابنة رجل يدعى ساينريث وحفيدة لرجل عظيم يدعى إمباث، وقد كان يعلم جميع سكان المنطقة أن ماشا تعمل كمربية خيول، كما أنها واحدة من المخلوقات التي تتميز بالسرعة الفائقة في الجري على الأرض.
سمع الجميع ذلك فالتزموا الصمت وكأن الخرس قد أصاب أفواههم، وفي تلك اللحظة أراد الحاكم أن يعزم على إيقاف تلك المسابقة، ولكن لم يكن بوسعه التراجع عن حُكمه أمام الجميع، وهنا اقتربت ماشا من الخيول واحدًا تلو الآخر وقد أخذت في مداعبة رؤوسهم وقالت حينها: لا تشعروا بالخوف أبدًا استخدموا كامل قواكم وطاقتكم في الركض، لا تجعلوني أن أطلق العنان لغضبي عليكم.
ثم بعد ذلك بدأت المسابقة، إذ سرعان ما ارتفعت خيول ماشا شاهقة بكل قوتها إلى أن سبقت خيول الحاكم، وعلاوة على ذلك فقد تعدت الخط الذي تم تحديده من قِبل الحُكام في المسابقة، ولكن ما حدث في تلك اللحظة هو أن السيدة وقعت على الأرض وبدأت تعاني من آلام المخاض التي هاجمتها بشكل مفاجئ، وفي مكان تلك المسابقة أنجبت توأمين وما أن رفعت كل طفل منهم على ذراع حتى سرعان ما هاجمها الموت وتوفيت.
ومنذ ذلك الوقت حلّت اللعنة فوق رؤوس كافة الرجال في العاصمة؛ وقد كانت تلك اللعنة بسبب عدم سماعهم لتوسلات ماشا حينما استدرجت عواطفهم، وقد كانت تلك اللعنة بأن حلت عليهم الشعور بألآم المخاض وكأنهم نساء يلدن، وقد كان ذلك بعد أن مضى خمسة أيام على وفاة ماشا، وبعد ذلك الحدث المؤسف سُميت العاصمة على اسم تلك السيدة.