تُعتبر هذه القصة من روائع الأعمال الأدبية الصادرة عن الأدب الأمريكي، وقد تناولت في مضمونها الحديث حول رجل غامض جاء من بلاد غير معروفة وبدأ بالعيش في إحدى القرى على ضفاف النهر، وعدم اختلاطه بمن هم حوله جعل الجميع يسخرون ويستهزؤون به، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي حاولوا مجموعة سرقته فقام بقتلهم، ومن ذلك اليوم لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه.
قصة لغز الرجل العجوز
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول رجل كبير في السن يتسم بالغموض، فلا أحد يعرف في الأصل من أين هو وما هي طبيعة عمله، يعيش في وحدة وعزلة دائمة ولا يختلط بأحد، ومنذ زمن بعيد يعيش لوحده في منزل قديم ومتصدع يقع على حافة قريبة من أحد البحار ويحيط بالمنزل حديقة وأشجار كثيفة.
كان مهملاً بحديقته فلم يكن ذلك الرجل العجوز يفكر بأن يقوم بتنظيفها والنبش أو الحفر بها، وهذا ما جعل الأعشاب من حول منزله تصل إلى ارتفاعات شاهقة كما أن الأشجار القديمة التي كانت تحيط بذلك المنزل أصبحت ضخمة وموحشة للغاية، ومن النادر جداً أن يخرج إلى خارج ذلك المنزل، وجميع السكان من حوله كانوا على الدوام يتساءلون من أين جاء ذلك الرجل وما هو اسمه.
وفي يوم من الأيام بينما كانوا يتطرقون للعديد من التساؤلات فيما بينهم حوله فيما إذا أحد كان قد رآه ذات يوم، فأشاروا بعضاً منهم أنهم في ذات مرة شاهدوه خارج من منزله وقد كان ذو شعر طويل يتميز بلونه الأسود القاتم، كما أن أكثر ما يطغو على ملامح وجهه هي تلك التجاعيد والسطور في كل بقعه من بقاع وجهه، بالإضافة إلى أنّ عينيه تبدوان وكأنها تمتلك قوى خارقة للطبيعة وجسده كان نحيل للغاية.
ترددت حول الرجل العجوز الكثير من الأقاويل في أنه كان في الأصل رجل ثري جداً، إلا أن الزمان قد جار عليه حتى وقع في يوم من الأيام في مصيبة أفقدته كامل ثروته وأمواله بالإضافة إلى ممتلكاته، كما كانت هناك العديد من الشائعات التي تشير أنه حينما وقع في تلك المصيبة سرعان ما قام بلم جزء من الحلي المصنوعة من الذهب وقام بوضعها في مكان ما في مسكنه القديم.
وفي ذلك الحي القريب من البحر كان الأطفال حينما يلمحون الرجل العجوز خرج من المنزل سرعان ما يقومون بمطارته واللحاق به ونعته بالعديد من الألقاب، وعلاوة على ذلك كله كلما مروا من أمام منزله يقذفون عليه بالكلام، وفي الكثير من الأحيان كانوا يلملمون الحجارة من هنا وهناك ويطرقون بها على نوافذ وباب المنزل، وفي يوم من الأيام أمسك أحد الأولاد نوع من أنواع الحجارة القاسية وقام برميها على النافذة، وهذا الأمر قد تسبب بكسر أجزاء منها، مما سمح لمن هم أكبر منهم سناً بسرقة المنزل من خلال تلك النافذة مثل طعامه الذي كان يضعه على الطاولة القريبة من النافذة، والنظر من خلال تلك النوافذ والتي كانت هي بالأصل متربة وضعيفة البنية لالتقاط لمحة عن معيشة الرجل العجوز وحول ماذا يفعل.
وفي يوم من الأيام وحينما حلّ الظلام الدامس اجتمع من تلك المنطقة ثلاثة رجال، وقد كانوا هؤلاء الرجال معروفين أنهم من أشهر المجرمين في القرية، وحينما سمعوا عنه بأنه يمتلك كنوز مخبأة من الذهب قرروا أن يقوموا بسرقة منزله وتفتيشه بالكامل، وفي تلك الأثناء كانوا جميعهم يقفون بسيارتهم خارج منزله، وجلسوا بها في عتمة الليل ينتظرون حتى يحين الوقت المناسب من أجل مداهمة المنزل، وقد كانت خطتهم في أن يقوموا بتهديد الرجل في البداية؛ وذلك من أجل أن يعترف بذلك المكان الذي يخبئ به الحلي الذهبية، وهنا تهامسوا فيما بينهم بأنه في حال لم يعترف بذلك المكان سوف يهمون بضربه.
وفي تلك الليلة كان القمر يشع بضوئه على ذلك البيت العتيق والرياح تهب من بين فروع الأشجار القديمة، وفي تلك اللحظة انطفأت الأضواء في المنزل، وهنا سرعان ما همّ اثنان منهم بالخروج من السيارة، وتوجها بطريقهما نحو الباب الأمامي للمنزل ووضعا أقنعة سوداء فوق رؤوسهم من أجل تغطية ملامحهما، بعد ذلك دقا الباب، بينما اللص الثالث بقي ماكثاً داخل السيارة في انتظار عودة رفاقه، وفي كل دقيقة ينظر في ساعته من أجل التحقق من الوقت، ويتساءل عما سوف يستغرقون وقت طويل أم يعودون بسرعة، وبعد أن حان وقت منتصف الليل سمع من جهة ذلك المنزل العتيق صرخات بغيضة.
وفي تلك الأثناء أعرب عن أمله في عدم قيام شركائه في السرقة بضرب الرجل العجوز ويودوا به إلى الموت، حيث أنه اعتقد في حال توفي قبل أن يعترف بمكان الكنز المخفي، سوف يضطرون للبحث في المنزل بأكمله من أعلاه إلى أسفله، وهذا الأمر قد يستغرق الليل بأكمله، وثم بعد ذلك تردد على مسامعه بعض الخطى على الطريق، وظهر هناك صوت لشخص قام بفتح قفل باب السيارة في وهج الضوء الخافت القادم من أضواء الشارع، وفي تلك اللحظة أصيب بدهشة إذ شاهد شيء كان من غير المتوقع أن يراه.
وفي صباح اليوم التالي تم العثور على سيارة مهجورة متوقفة خارج منزل الرجل العجوز، وحينما تم تبليغ مركز الشرطة وهمت عناصرها بفحص لوحات الرخصة وتم التوصل إلى أنها مسروقة، وهنا أمروا بإعادتها إلى صاحبها، وبعد مرور عدة أيام تم العثور على ثلاثة جثث تعود إلى أشخاص مجهولي الهوية مُلقاة على أطراف الشاطئ، متشابكة مع بعضها بشكل فظيع وغريب، كما كانت تلك الجثث مشوهه إلى ذلك الحد الذي وصل إلى التشوية بالعظام، فقد كسرت رؤوسهم وسحقت أجسادهم .
كانت تلك الحادثة في اكتشاف الجثث على أطراف الشاطئ سبب الكثير من الخوف والرعب والرهبة في تلك المدينة الساحلية الصغيرة في فصل الصيف، وحينما يتطرق أهل المنطقة في الحديث حول تلك الحادثة لا يتم التوصل إلى أي معلومة حول هؤلاء الأشخاص أو من هم أو كيف تم قتلهم.
ومنذ ذلك الوقت أصبح كلما مر أحد من أمام منزل ذلك العجوز المخيف والغامض، شعروا بأن هناك رعشة تلقائية تدب بأجسادهم من الخوف تسري من أسفل العمود الفقري، كما أنه لم يعد أي من الأولاد في الحي يصرخ على الرجل العجوز أو ينادوه بأسماء بذيئة بعد الآن، ومنذ ذلك الحين لم يعد يجرؤ أحد على التسلل إلى منزله والنظر في نوافذه خوفاً مما قد يلقونه.