قصة لغز وجوه بيلميز الغامضة

اقرأ في هذا المقال


هناك العديد من الوقائع والحوادث التي من الممكن أن تحدث مع الإنسان، وفي أغلب الأحيان تكون تلك الوقائع عرضية تمر بفترة سواء أكانت طويلة أو قصيرة ولكنها في النهاية من المؤكد أنها سوف تزول، أما في قصتنا هذه فإن فإننا نكتشف أن هناك وقائع وظواهر تكون خارق للطبيعية ولا يمكن إزالتها.

قصة لغز وجوه بيلميز الغامضة

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في واحدة من مدن دولة إسبانيا، إذ كانت هناك إحدى السيدات التي كانت تعرف باسم السيدة ماريا، وتلك السيدة في يوم من الأيام كانت قد سارت باتجاه المطبخ من أجل القيام إعداد الطعام لكل من زوجها وابنها، وقد كان ذلك الوقت خلال وقت الظهيرة، وبينما كانت تدور وتهم بتناول الأواني من أجل وضع الطعام فيها لاحظت أن هناك شيئاً ما قد ظهر على أحد الحجار الاسمنتية الموجودة في جدران المطبخ.

وفي تلك اللحظة حاولت الاقتراب من الحجر لمحاولة معرفة ما هو ذلك الشيء، وأول ما حدقت النظر به جيداً اكتشفت أن ما يتضح لها هو رسم لوجه امرأة، وهنا قامت السيدة ماريا بإحضار قطعة من القماش وحاولت مسح وتنظيف الحجر، إلا أن الوجه كان بدل أن يختفي أصبح أكثر وضوحاً من ذي قبل.

وفي تلك الأثناء فضلت السيدة ماريا أن تنتظر رجوع زوجها من العمل وتخبره بذلك الأمر، وبالفعل لم تمكث طويلاً حتى عاد من عمله، وأول ما وصل المنزل وأخبرته عن ذلك الوجه همّ بمساعدتها في تنظيفه، ولكن ما حدث معهم هو أنه كلما نظفا الحجر أكثر بدا الوجه يتضح لهما بشكل أكبر، وبعد مرور بعض الوقت عاد الابن من الخارج، وأول ما قص عليه والداه ما يحدث معهم، أول ما فكر به هو أنه من الأفضل أن يقوم بنزع الحجر من مكانه، وبالفعل قام بنزعه الحجر وإحضار حجر آخر ووضعه بدلاً منه، ولكن بعد أن أتم من وضع الحجر قاموا بالتمعن به عن قرب مرات عدة وبين فترة وأخرى، إلا أن الوجه كان قد اختفى تماماً، وهنا شعرت العائلة بالراحة والاطمئنان وواصلوا حياتهم بشكل طبيعي.

ولكن ما كان مفاجئ لتلك العائلة، هو أنه بعد مرور بضعة أيام وكانت قد دخلت السيدة ماريا إلى المطبخ في أحد المرات لاحظت أن هناك حجر آخر غير ذلك الذي تم وضعه في مكانه بدأ يظهر عليه وجه آخر كذلك، وحينما حدقت السيدة ماريا نظرها جيداً اكتشفت أنه ليس ذات الوجه الذي ظهر في المرة الأولى، بل أنه في هذه المرة وجه مختلف تماماً، ولم تمر لحظات قليلة حتى بدأت تظهر عدد من الوجوه في أماكن متفرقة في كل مكان من جهات المطبخ، وبعد أن شعرت بالخوف الشديد من ذلك الأمر خرجت إلى الخارج، ولكنها رأت أن تلك الوجوه بدأت بالظهور في كل ركن من أركان المنزل، ولم يقتصر الأمر على جدران المطبخ فقط.

ومنذ ذلك اليوم وبدأوا كامل أفراد تلك العائلة بالبحث حول حل لتلك الأزمة التي بدأت تلازمهم، وقد انتشر خبر تلك الحادثة بين الكثيرون من الناس، وقد شاع بين الحشود أن ذلك المنزل يتميز بوجود إحدى الظواهر الخارقة، ويوماً بعد يوم بدأت الحشود تتوافد عليه من أجل مشاهدة تلك الوجوه، وبالفعل كان كل من يحضر إلى ذلك المنزل يشاهد تلك الوجوه وهي تتشكل أمام أعينهم، وكان بعض من تلك الوجوه يظهر ويختفي في ذات اليوم، وهناك وجوه أخرى تتبدل ملامحها خلال ساعات قليلة، كما كان يظهر كذلك بعض أجزاء من الجسد ثم بعد ذلك تختفي على الفور.

وفي الكثير من الأحيان كان يتساعد العديد من الناس من أجل محاولة تنظيف وإزالة تلك الوجوه من على الجدران، إلا أنه كانوا ما تسببوا به هو أن تلك الوجوه تحولت إلى وجوه حزينة، وحينما فكروا في أن يقوموا بنزع تلك الحجارة من أجل إخضاعها للفحص سرعان ما تقوم تلك الوجوه بالاختفاء على الفور، ولا تعود للظهور مرة أخرى من جديد سوى حينما يعود ذلك الحجر إلى مكانه.

وحينما شاع خبر تلك الوجوه في كافة أرجاء الدولة بدأ العديد من الخبراء والعلماء من كبار أساتذة الجامعات في العالم بالتوافد على المنزل؛ وذلك من أجل فحص وتدقيق في الأحجار، وأول ما وصل العلماء إلى ذلك المنزل تمكنوا من الحصول على البعض من فتاتها لفحصها، ولكن ما حدث هو أن نتائج الفحوصات لم تزيد أمرهم سوى حيرة أكثر، إذ لم يعثروا على أي شيء غريب في مكوناتها يختلف عن باقي الأحجار الأخرى، هنا اعتقد العديد منهم أن هناك مادة ما قد تكون هي المتسببة في ظهور مثل تلك الرسومات، وحينما فشلوا في التوصل إلى أي شيء غريب أو ملفت للانتباه، هنا بدأ العلماء في إجراء محاولات أخرى، وأول ما فكروا به هو أن قاموا بوضع مجسمات سمعية؛ وذلك من أجل محاولة التقاط الذبذبات الصادرة من داخل الحجر.

وقد كانت تلك الذبذبات لا يمكن للأذن البشري سماعها، وهنا حدث المفاجأة حيث أنهم تمكنوا من التقاط مجموعة من الأصوات، كما تم رصد عدد هائل من الكلمات التي تمكنوا من تمييزها من بين تلك الأصوات الصادرة، وتلك الكلمات كانت عبارة الجحيم يبدأ من هنا، وجملة أخرى تفيد: إنهم جميعًا أموات، وجملة أخيرة أفادت: إننا نعاني، وتلك العبارات كانت كفيلة من أجل الدفع بأحد المحققين التابع إلى عناصر الشرطة استدعاء السيدة ماريا، وأول ما تحدث معها سألها حول سر مجيئهم إلى ذلك المنزل، وقد كانت الإجابة أنه حدث ذلك جراء سوء المعاملة.

وهنا بدأت الفرضيات تتضارب حول تلك الوجوه ولم يتم التوصل إلى حل جذري لتلك الوجوه أو التوصل إلى السبب في ظهورها، ففي بعض الأحيان يشار إلى أن السيدة ماريا كانت تمتلك قدرات خارقة، وبتلك القدرة يمكنها تحريك الأشياء عن بعد، بالإضافة إلى قدرتها على الرسم والتحكم بتلك الوجوه عن طريق عينيها، إلا أن هناك الكثير من العلماء أشاروا إلى أن تلك الفرضية لا يتم اعتمادها بشكل قطعي.

أما الفرضية الثانية فقد كانت الأقرب إلى الحقيقة والواقع، وهي أن المنزل قد بني فوق إحدى المقابر، وبالفعل بعد القيام بالحفر لأمتار عميقة تحت أرض المنزل، تم الكشف عن عدد من الهياكل العظمية، كما تم اكتشاف أن هناك عدد من الشباب مقطوعي الرؤوس، ويبدو أنهم قد تعرضوا للتعذيب والاضطهاد، ومن خلال الكشف عن تاريخ المقبرة تبين أنها كانت قد بنيت في القرن الثالث عشر، وكانت في البداية واحدة من المقابر التي تعود إلى الإمبراطورية الرومانية، ثم بعد ذلك تحولت إلى مقبرة إسلامية، وفي النهاية تم تحويلها إلى مقبرة مسيحية، ويبدو أن أعمال الحفر بالكنيسة المجاورة للمقبرة، هي ما جعلت تلك الأرواح غير مستقرة في مرقدها.

المصدر: كتاب الأدب الإسباني العاصر - طلعت شاهين - 2020


شارك المقالة: