قصة لو سان ابنة الجنة

اقرأ في هذا المقال


قصة لو سان ابنة الجنة أو (Lu-San, Daughter of Heaven) هي حكاية شعبية صينية، للمؤلف نورمان هينسدال بيتمان وحررها أندرو لانج وأدرجها في كتاب العجائب الصيني، ونشرها عام 1919

الشخصيات:

  • لون.
  • والديها.
  • الجنية الطيبة.

قصة لو سان ابنة الجنة:

تدور القصة حول فتاة حزينة اسمها لو سان، كانت تذهب إلى الفراش يوميًا دون عشاء، لكن قلبها الصغير كان جائعًا لشيء أكثر من الطعام وهو حب العائلة التي حرمت منه، وحين كانت تقترب بالقرب من إخوتها النائمين، لكن حتى في نومهم بدا أنّهم ينكرون لها الحب الذي كانت تتوق إليه، كان فقط صوت مياه النهر اللطيف الذي يلف جوانب منزلها كالموسيقى التي كانت تهدئها في كثير من الأحيان.
كانت حياتها القصيرة مليئة بالحزن والكآبة، بعد أن تعرضت للاحتقار والمعاملة السيئة من قبل الأسرة بأكملها، كان والد لو سان صيادًا، وكانت حياته معركة طويلة ضد الفقر وكان جاهلاً وشريرًا، ولم يكن لديه شعور بالحب تجاه زوجته وأطفاله الخمسة أكثر من كلاب الشوارع في مدينته الأم.
لقد هددهم مرارًا وتكرارًا بإغراقهم جميعًا، ولم يمنعه من فعل ذلك إلّا بسبب الخوف من قانون الماندرين الجديد، ولم تحاول زوجته إيقاف زوجها عندما كان يضرب الأطفال أحيانًا حتى سقطوا نصف ميتين على سطح السفينة حتى أنّها كانت هي نفسها قاسية عليهم، وغالبًا ما كانت توجه الضربات القاسية إلى لو سان، ابنتها الوحيدة، ولم يكن يومًا ما في ذاكرة الفتاة الصغيرة تكون فيه قد هربت من هذا الجلد اليومي، ولم يشفق عليها والديها مرّة واحدة.
وفي إحدى الليالي البائسة، كان والدها ووالدتها يخططان لكيفية التخلص منها، دون أن يدركا أنّ لو سان كانت تستمع اليهما، قال والدها بخشونة: الماندرين لا يهتمون إلّا بالصبيان، قد يقتل الرجل عشرات الفتيات ولن يتفوه أحد ضده بكلمة، وأضافت الأم: لو سان ليست جيدة على أي حال وقاربنا صغير، وهي دائمًا في المكان الخطأ.
قال الزوج: نعم، يتطلب الأمر إطعامها كما لو كانت صبيًا، إذا وافقت على ذلك سأفعل ذلك هذه الليلة بالذات، أجابت: حسنًا، لكن من الأفضل أن تنتظر حتى يظهر القمر، فرد الزوج: حسنًا، أيتها الزوجة سنترك القمر ينزل أولاً، ثم الفتاة، كان قلب لو سان الصغير ينبض بسرعة من الرعب، لأنّه لا يمكن أن يكون هناك شك في معنى كلمات والديها.
أخيرًا عندما سمعتهما يشخران وعرفت أنّهما كانا نائمين، نهضت بصمت وارتدت ملابسها وصعدت السلم المؤدي إلى سطح السفينة، كانت فكرة واحدة فقط في قلبها لإنقاذ نفسها بالقفز الفوري إلى البحر، ولكن لم يكن لديها ملابس إضافية ، ولا قضمة طعام لأخذها معها، لم يكن هناك سوى شيء واحد يمكن أن تحمله معها، وهو صورة صغيرة من الحجر الأملس عليه نحت للجني الطيب كوان ين، والتي وجدتها ذات يوم أثناء سيرها في الرمال.
كان هذا هو الكنز الوحيد والألعوبة في طفولتها، ولو لم تكن قد خبأتها بعناية، لكانت والدتها قد أخذتها منها وكانت قد استمعت عن كثب إلى القصص التي رواها كاهن عجوز عن كوان ين جنية الرحمة، أفضل صديق للنساء والأطفال، التي قد تصل لهم دائمًا في وقت الضيق .
كان الظلام شديدًا عندما رفعت لو سان الباب المسحور المؤدي إلى الهواء الخارجي، ونظرت إلى الليل حيث كان القمر قد نزل لتوه، وكانت الضفادع تئن على طول الشاطئ فدفعت الباب ببطء وبعناية، لأنَّها كانت تخشى أن الرياح القادمة فجأة قد توقظ النائمين، ثمّ وقفت على سطح السفينة وحدها وعلى استعداد للخروج إلى العالم الكبير، وعندما خطت إلى جانب القارب، لم تشعرها المياه السوداء بالخوف وذهبت إلى الشاطئ دون أدنى ارتعاش.
ركضت بسرعة على طول الضفة، وكانت تنكمش عائدة إلى الظل كلما سمعت ضجيج وقع الأقدام، وبالتالي اختبأت من المارة، مرّة واحدة فقط ارتعش قلبها، وكان مليئًا بالخوف حينما ركض كلب ضخم في وجهها وهو ينبح بشراسة، ولكن عندما رأى هذه الفتاة الصغيرة المرتجفة البالغة من العمر عشرة أعوام، استنشق اشمئزازًا لأنّه لاحظ شخص صغيراً جدًا، وعاد لمشاهدة بوابته.
لم تضع لو سان أي خطط حيث اعتقدت أنّها إذا تمكنت من الهروب من الموت الذي تحدث عنه والداها، فسيكونون سعداء بتركها لهم ولن يبحثوا عنها، لم يكن شعبها هو ما تخاف منه وهي تتخطى صفوف البيوت المظلمة التي تغطي الشاطئ، كثيراً ما سمعت والدها يحكي عن الأعمال المروعة التي تمت في العديد من هذه المراكب، كانت أحلك ذكريات طفولتها هي تلك الليلة التي كاد أن يبيعها فيها كعبد لمالك قارب مثل هؤلاء كانت تمر به الآن.
ولكنَّ والدتها قد اقترحت عليهما الانتظار حتى تكبر لو سان قليلاً، لأنّها ستكون حينها تستحق المزيد من المال، لذلك لم يبيعها والدها في الآونة الأخيرة، وربما أنّه حاول وفشل، ولهذا السبب كرهت سكان النهر وكانت حريصة على تجاوز منازلهم، وكانت تسرع مرارًا وتكرارًا بأسرع ما يمكن أن تحملها ساقاها الصغيرتان، كانت تهرب بعيدًا عن المياه المظلمة، لأنّها تحب ضوء الشمس الساطع والأرض، وبينما كانت لو سان تمر عبر آخر قارب عائم تنفست الصعداء وبعد دقيقة سقطت في كومة صغيرة على الرمال.
لم تكن حتى الآن قد لاحظت مدى الوحدة التي كانت عليها حيث كانت هناك المدينة العظيمة بآلاف النائمين ما وراء الحقول المفتوحة والقرى النائمة، والعالم المجهول، ثمّ كم كانت متعبة جدًا بسبب ركضها، ولكنّها كانت تمسك بالصورة الثمينة بإحكام في يدها الصغيرة وتهمس بصلاة طفولية إلى الجني كوان يين لمساعدتها، ثم نامت.
وعندما استيقظت لو سان، سرت بقشعريرة باردة في جسدها، لأنّ شخصاً غريباً ينحني عليها وسرعان ما رأت بدهشة أنّها امرأة ترتدي ملابس جميلة مثل تلك التي ترتديها الأميرة، لم ترى الطفلة أبدًا مثل هذه الملامح المثالية أو الوجه المشرق.
في البداية، إدراكًا منها لملابسها القذرة، تراجعت للخلف خائفة متسائلة عمّا سيحدث إذا كان ينبغي لهذا الكائن الجميل أن يلمسها وبالتالي يلوث تلك الأصابع البيضاء النحيلة، وبينما كانت الطفلة ترقد هناك وهي ترتجف على الأرض، شعرت كما لو أنّها تريد أن تنطلق بين ذراعي المخلوقة الخيالية وتتوسل الرحمة، فقط الخوف من ذهابها منعها من فعل ذلك.
ثمّ مدت يدها إلى المرأة قائلة: أوه، أنت جميلة جدًا! خذي هذا، لا بد أنّك أنت من فقدها في الرمال، أخذت الأميرة الحجر الأملس ونظرت إليه بفضول، ثم قالت بمفاجأة: وهل تعرفين يا مخلوقتي الصغيرة، لمن تمنحين كنزك؟ أجابت الطفلة: لا، لكنّه الشيء الوحيد الذي أملكه في كل العالم، وأنت جميلة جدًا لدرجة أنَّني أعرف أنّه ملك لك، وجدته على ضفة النهر.
ثم حدث شيء غريب حين انحنت المرأة الرشيقة ومدّت ذراعيها إلى الطفلة القذرة، وبصرخة فرح، قفزت الصغيرة إلى الأمام، لقد وجدت الحب الذي طالما كانت تبحث عنه، فقالت المرأة: طفلتي العزيزة، هذا الحجر الصغير الذي احتفظت به بمحبة والذي أعطيته لي، هل تعرفين لمن هذه الصورة؟ أجابت لو سان: نعم، الجنية العزيزة كوان ين، هي التي تسعد الأطفال.
ثم قالت الفتاة: نعم بالفعل، لولاها لما هربت من الليل، كان والدي سيقتلني، لكنّ الجنية الطيبة استمعت إلى صلاتي وأمرتني بالبقاء مستيقظة، قالت لي أن أنتظر حتى ينام والدي، ثم أقوم وأغادر المنزل، فقالت المرأة: وإلى أين أنت ذاهبة لو سان، الآن بعد أن تركت والديك؟ ألا تخشين أن تكوني وحيدة هنا في الليل على ضفة هذا النهر العظيم؟ فردت الفتاة: لا، لأنّ الأم المباركة ستحميني، لقد سمعت صلواتي، وأنا أعلم أنّها ستوضح لي إلى أين أذهب.
كانت السيدة تحتضن لو سان أكثر، ولمع شيء في عينها المشعة حيث تدحرجت قطرة دم من عيونهاعلى خدها وسقطت على رأس الطفلة، لكنّ لو سان لم تراها، لأنّها كانت نائمة بسرعة بين ذراعي المرأة، وعندما استيقظت كانت مستلقية بمفردها على سريرها في المنزل العائم، لكن من الغريب أنّها لم تكن خائفة من أن تجد نفسها مرّة أخرى بالقرب من والديها ولم تكن تعرف أنّها كانت في حلم حيث حملتها الجنية الطيبة واحتضنتها ليلاً.
دخل شعاع من ضوء الشمس، يضيء وجه الطفلة ويخبرها أنّ يومًا جديدًا قد بزغ، ثمّ سمعت أخيرًا والديها كانا يتحدثان، و بدا كلامهم أقل قسوة من المعتاد، كما لو كانوا بالقرب من سرير نائم لا يرغبون في إيقاظه، قال والدها: لماذا، عندما انحنيت لرفعها من السرير وإلقائها في النهر، كان هناك ضوء غريب حول وجهها، وعندما لمستها على ذراعها وفي الحال علقت يدي كما لو كانت قد أصيبت بطلق ناري.
ثم سمعت صوتًا يهمس في أذني يقول : ماذا! هل تضع يديك الشريرة على شخص جعل دموع كوان يين تتدفق؟ ألا تعلم أنّه عندما تبكي تلك الفتاة، فإنّ ملكة الجنيات نفسها تبكي؟ ثمّ قالت الأم بصوت يرتجف: أنا أيضًا سمعت ذلك الصوت، سمعته، وبدا كما لو أنّ مائة عفريت شرير، وأضاف الأب: من الغريب أن نفكر كيف بدأنا نكره هذه الطفلة، بينما كانت تنتمي إلى عالم آخر غير عالمنا طوال الوقت وكم نحن أشرار لأنّنا لم نتمكن من رؤية صلاحها.
قالت الأم: نعم، ولا شك أنّه في كل مرة ضربناها ستوجه إلينا ألف ضربة من الجنيات، بسبب إهاناتنا لهم، لم تعد لو سان تنتظرحيث نهضت لترتدي ملابسها، كان قلبها يحترق بالحب لكل ما حولها وكانت تخبر والديها أنّها سامحتهم، وتخبرهم كيف ما زالت تحبهم رغم كل شرهم.
ولم تكن ملابسها الممزقة يمكن رؤيتها في أي مكان، وبدلاً من ذلك وجدت على جانب واحد من السرير أجمل الملابس مع أزهار جميلة جدًا، وبينما كانت ترتدي ملابسها، رأت بدهشة أنّ أصابعها كانت رشيقة وأنّ بشرتها ناعمة، فعرفت حينها أنّ أيمانها بتغيير قدرها دفع الجنية الطيبة لمساعدتها.


شارك المقالة: