تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول سيدة كانت تقوم بقتل كل من تلتقي به وتعلم أنه حاصل على بوليصة تأمين من أجل التأمين على حياته، ولم يكن فعلها الشنيع ذلك بحق الآخرين من الغرباء، وإنما أوصل بها طمعها إلى قتل زوجها وأبنائها؛ وذلك لأنه زوجها عمل لهم بوليصة التأمين على حياتهم، وقد كانت تقوم بجرائمها الشنيعة من خلال استخدام مادة الزرنيخ السامة.
قصة ماري آن كوتون أشهر سفاحة في إنجلترا
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في مملكة بريطانيا العظمى، حيث أنه في يوم من الأيام ولدت فتاة تدعى ماري في إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة لومورسلي والتي كانت تابعة إلى مقاطعة دورهام، نشأت تلك الفتاة في المقاطعة، وبعد أن أتمت سن السادسة عشر غادرت منزل عائلتها وبدأت في العمل كممرضة في أحد المستشفيات الخاصة، وبعد مضي ثلاث سنوات في ذلك العمل عادت وبدأت بالعمل كخادمة في أحد المنازل التي تعود ملكيتها لشخص ثري ومشهور على مستوى المنطقة.
وبعد مرور سنوات عدة تزوجت من شخص يدعى ويليام، ومنذ ذلك الوقت وقد استقرت مع عائلتها في منزل ولم تعود للعمل مرة أخرى وعلى مدار عقد من الزمان أو أكثر قليلًا أنجبت ماري تقريباً من ثمانية إلى تسعة أطفال، ولكنها لم تكن توثق ولادتهم في شهادات لدى دائرة الأحوال، وهذا ما جعل عدد أطفالها غير معروف بالتمام.
وطوال تلك الفترة كانت ماري تتنقل مع عائلتها بين عدة مقاطعات، وخلال فترة زواجها كان قد توفي حوالي ثلاثة أو أربعة من أطفال ماري بعد أن أصيبوا جميعًا بآلام شديدة في منطقة المعدة، وحينما تم نقل جثثهم للمستشفى وتشخيص حالتهم تبين أنهم أصيبوا بمرض الحمى المعوية، وهذا النوع من الأمراض تشبه في أعراضه إلى حد كبير التسمم بمادة الزرنيخ، وفي يوم من الأيام قرر السيد ويليام بالقيام بعمل وثيقة تأمين على حياته وحياة أطفاله الثلاثة المتبقيين على قيد الحياة.
وبعد مرور فترة وجيزة توفي السيد ويليام واثنين من أطفاله بنفس الحمى، وعلى إثر ذلك حصلت ماري على أموال التأمين على حياتهم، وبعد أن أصبحت الأموال بين يديها قامت بترك طفلها الأخير وهو ما كان طفلة في رعاية والدتها، ومن هنا عادت لعملها كممرضة مرة أخرى في إحدى المستشفيات الذي يعرف باسم مستشفى سندرلاند، وأثناء عملها تزوجت من أحد المرضى في المستشفى ويدعى جورج، وبعد زواجه كان قد سمع بما حدث في زواجها الأول، ولذلك قام بعمل بوليصة تأمين على حياته، وبعد مضي سنة تقريباً على زواجها منه توفي وحصلت ماري مرة أخرى على أموال التأمين على حياته.
وبعد تلك الحادثة تمكنت ماري من الحصول على مهنة أخرى وهي العمل كمدبرة منزل لدى رجل يدعى السيد روبنسون، وهو ما كان يقيم مع أطفاله الخمسة وزوجته متوفيه، ولكن ما حدث هو أنه بعد مرور أسابيع قليلة فقط على دخول ماري إلى بيت السيد روبنسون توفي واحد من أبنائه بسبب مرض ذات الحمى، وبعد مضي عام على تلك الحادثة ذهبت ماري ذات مرة من أجل زيارة والدتها المريضة، والتي توفيت بعد مرور أسبوع واحد من زيارة ماري لها، وهنا اصطحبت ابنتها معها إلى منزل السيد روبنسون، ولكن ما حدث بعدها هو أن ابنتها توفيت مع اثنين من أبناء عائلة السيد روبنسون، وبعد فترة وجيزة تزوج السيد روبنسون من ماري وقد أنجبت له طفلين ولكن أحدهما توفي بعد أيام.
وفي يوم من الأيام وقد كان مرّ عامين من الزواج اكتشف السيد روبنسون أن ماري تسرق منه أموال طائلة، كما أنها كانت تلح عليه باستمرار أن يقوم بعمل بوليصة تأمين على حياته، وهنا شعر بالريبة من شدة إلحاحها، وعلى إثر ذلك قام بطردها من منزله، فظلت لفترة بدون مأوى.
في ذلك الوقت التقت ماري بأرمل أخر يدعى السيد فريدريك وهو من كان شقيق لإحدى صديقاتها المقربات، وفي ذات العام الذي تعرف به فريدريك على ماري توفيت شقيقته وابنه الأصغر، وسرعان ما تزوج السيد فريدريك من ماري؛ وذلك خشية أن يبقى بمفرده هو وابنة المتبقي والذي يدعى تشارلز، إذ لم يتبقى له أحد، وقد حدث زواجهما على الرغم من أنها كانت لا تزال متزوجة من السيد روبنسون، وأنجبت من السيد فريدريك ابن، وبعد عدة أشهر توفي السيد فريدريك وحصلت ماري على مبلغ جديد مقابل التأمين على حياته.
ولم تمضي فترة طويلة حتى اتخذت ماري ضحية جديدة وهو شاب يدعى جوزيف أقامت معه علاقة عاطفية، ثم تعرفت على سيد أخر يدعى جون وأقامت معه علاقة غير شرعية وأنجبت منه طفل وبعد عام توفي تاركًا كامل ممتلكاته لماري، وفي يوم من الأيام قام أحد المسؤولين باستدعائها وسؤالها حول علاقاتها المشبوهة الأخيرة، فأشارت إليه أنها ليس بإمكانها الزواج منهم؛ وذلك لأنها ترعى ابن زوجها السابق فريدريك وهو تشارلز، كما أضافت للمسؤول أنها لا تقوى على الارتباط بذات الشخص لفترة طويلة، ولكن لم يمضي وقت طويل حتى توفي تشارلز.
وبعد وفاة ذلك الفتى بدأت الشكوك تدور في ذهن المسؤول المحلي حول ماري، وفي هذه المرة أوعز لعدد من الأطباء القيام بتشريح الجثة، وقد أشارت التقارير إلى وجود مادة الزرنيخ السامة في معدته، وهنا على الفور تم إصدار أمر من قِبل السلطات باستخراج جثث اثنين آخرين من أبناء فريدريك وكانوا جميعًا مسممين بذات المادة السامة.
وفي النهاية تم القاء تهمة قتل تشارلز إلى ماري، وعلى إثر ذلك تم زجها في السجن، وهناك أنجبت طفلتها الأخيرة وبدأت محاكمتها، وبعد مرور شهرين زعم المحامي الخاص بها أن الفتى تشارلز في الحقيقة قد استنشق غبار الزرنيخ من صبغة الجدران؛ وذلك لأن تلك المادة تستخدم بشكل شائع في الطلاء في ذلك الوقت، ولكن كان ذلك الادعاء قد فشل في تبرير وجود ذات المادة السامة في الجثث السابقة، وتم الحكم عليها بالإعدام.
وأثناء القيام بتنفيذ حكم الإعدام فيها لم يتم وضع المنصة على ارتفاع كافي من أجل القيام بكسر رقبتها، ولذلك بقيت على قيد الحياة واضطر الجلاد للضغط على كتفيها، ومرت عليها مدّة وهي معلقة قبل أن تفارق الحياة، ولم تعترف ماري على الإطلاق بجرائمها كما أن عدد ضحاياها لم يعد، فقد كان أكثر مما تم ذكرهم في القصة، ولكن ينظر إليها على أنها أول سيدة قاتلة متسلسلة في تاريخ دولة إنجلترا.