قصة محاكمة ماري سميث

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة الحديث حول مجموعة من جرائم القتل التي قامت بها إحدى السيدات من أجل الحصول على إيرادات بوصلة التأمين على الحياة لكل منهما، ولكن ما كان مثير للدهشة هو أنه لم يتم التوصل إلى دليل قاطع على إدانة تلك السيدة، وبالرغم من ذلك تم الحكم عليها بالإعدام.

قصة محاكمة ماري سميث

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في مملكة بريطانيا العظمى، حيث أنه في يوم من الأيام كانت هناك فتاة تدعى ماري، وتلك الفتاة تنتمي لإحدى الأسر التي تصنف أنها من الطبقة المتوسطة، وهي الابنة الكبرى بين أفراد العائلة المكونة من خمسة أبناء، والد ماري كان رجل يدعى جيمس يعمل في مجال الهندسة وهو رجل لديه الكثير من الأموال والممتلكات وأصله من مدينة جلاسكو، بينما والدة ماري فهي سيدة من عائلة عريقة ووالدها من أشهر المهندسين المعماريين في تلك المدينة ويدعى ديفيد، في فترة من الفترات كانت ماري تقيم مع عائلتها في المنزل الواقع في ساحة تعرف باسم بليستوود، وكانت تلك العائلة تمتلك قطعة أرض في إحدى المناطق الريفية التابعة إلى إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة هيلينسبرج.

وعلى الرغم من أن تلك العائلة كانت تراعي العادات والتقاليد الفيكتورية الصارمة السائدة في تلك الفترة، إلا أن الفتاة ماري كان ذلك الأمر يزعجها إلى حد كبير وعلى الدوام ترفض التقيد في أي من تلك التقاليد والسير عليها، وفي يوم من الأيام دخلت ماري في علاقة عاطفية بشكل سري مع واحد من الشبان ويعرف باسم بيير إميل، وقد بدأت تلك العلاقة بينهم بعد أن وصل بيير بأيام قليلة من واحدة من الجزر التي تعرف باسم جزر القنال، وقد كان سبب قدومه إلى تلك المدينة من أجل البحث عن عمل، وبالفعل حصل عليه في غضون يومين من وصلوله، إذ عمل كمزارع في أحد المشاتل.

ومنذ أن بدأت العلاقة بينهما كانت ماري لا تلتقيه في وضح النهار، وإنما بعد أن يحل الظلام الدامس في عتمة الليل، ويتم ذلك اللقاء عند نافذ الغرفة الخاصة بماري، وفي بعض الأحيان كان يتم تبادل الرسائل بينهما، وفي كل يوم كانت تتطور علاقتهما أكثر فأكثر، وقد قطعا على أنفسهما عهود الزواج واتفقا عليه في وقت قريب، أما بالنسبة إلى عائلتها فلم يكتشف أي فرد منهم أي شيء عن تلك العلاقة، وعلى إثر ذلك قام والدها المهندس جيمس باختيار عريس مناسب لابنته وهو ما ينتمي لذات الطبقة ومن سكان ذات المدينة ويدعى هاربر مينوتش.

وأول ما سمعت ماري بأمر ذلك العريس لم تكن تتمالك قواها من أجل الإفصاح عن علاقتها مع بيير وحتى أنها لم تخبر بيير بذلك العريس، وكل ما قامت به هو أنها أخبرت بيير أنها تريد أن تقطع العلاقة بينهم وطلبت منه أن يقوم بإعادة كافة الرسائل التي وصلت إليه منها، وهنا كانت الصدمة لماري، إذ أن بيير رفض أن يعيد لها أي رسالة من رسائلها، وفوق ذلك كله قام بتهديدها بتلك الرسائل في حال لم توافق على الزواج منه، وأشار إلى أنه سوف يقوم بنشر تلك الرسائل على الملأ وعمل نسخ منها وتوزيعها في كافة ارجاء المدينة.

وفي تلك الأثناء أخذت ماري تفكر في طريقة تخلصها من تلك المشكلة التي وقعت بها، وكيف لها أن تتخلص من تهديدات بيير، وبعد فترة من التفكير توجهت نحو أحد الباعة من أصحاب المتاجر، ومن ذلك المتجر قامت بشراء مادة الزرنيخ، وقد قامت بالتوقيع على إيصال الشراء باسم إم، إتش، سميث.

وبعد مرور أيام قليلة تم العثور على بيير متوفي في شقته، وبعد أن تم نقله إلى المستشفى وتشريح جثته من أجل أن يتم الوصول إلى سبب الوفاة، أشارت التقارير إلى أنه متوفي على إثر تناوله لمادة سامة وهي الزرنيخ، ومن هناك تم الانتقال به إلى المقبرة ودفنه، وبعد أن تمت مراسم الجنازة والدفن على الفور توجهت عناصر الشرطة إلى المنزل الذي كان يقيم بها بيير وخلال البحث تم العثور على الرسائل التي أرسلتها له ماري، وهنا على الفور تم توجيه أصابع الاتهام لها وذهبت مجموعة من عناصر الشرطة إلى منزل جدها المهندس ديفيد الذي كانت تختفي به عن الأنظار وجلبتها إلى المركز، وعلى الفور تم زجها في السجن بتهمة قتل بيير.

وفي تلك الأثناء وعلى إثر ما حصل مع الابنة قامت عائلة المهندس بتكليف أحد المحاميين المشهورين ويدعى جون من أجل الدفاع عن ابنتهم، وحينها قام المدعي العام بتقديم دليل دامغ على أن المتوفي بيير كانت سبب وفاته هو نتيجة التسمم بالزرنيخ، ولكن لم يقوم بتقديم أي دليل يدين به ماري على أنها هي من قامت بوضع تلك المادة له في الطعام وتسببت في قتله، على الرغم من أن تبين أنها هي من قامت بشراء تلك المادة قبل أيام قليلة من الحادث.

ولكن هيئة المحلفين لم تعثر على أي دليل دامغ ضدها، وما ساعدها في إبعاد التهمة عنها هو أن الرسائل التي تم العثور عليها منها في شقة بيير لم تكن مؤرخة، كما أنه لم يتم العثور على الغالبية العظمى من المغلفات الخاصة بتلك الرسائل، حتى أن يتم الوصول إلى تسلسلها الزمني وربطه مع وقت وقوع الحادثة، وعلى إثر كافة تلك الأمور قررت هيئة المحلفين أن ماري ليست مذنبة، ولهذا تم إخلاء سبيلها.

وبعد أن تم إخلاء سبيل ماري وعلى الرغم من حصولها على الحرية من تلك القضية، إلا أنه أصبحت ذات سمعة سيئة، وعلى إثر نظرات الناس إليها قررت أنها لمن تقوى على الاستمرار في العيش في دولة اسكتلندا بعد ذلك، ومن هنا قررت السفر إلى دولة بريطانيا حيث مدينة لندن، وأول ما وصلت إلى هناك على الفور قامت بعمل أوراق جديدة غيرت بها اسمها الحقيقي وحصلت على اسم جديد.

وبعد أن قضت فترة من العمل في تلك المدينة تزوجت من رجل ثري ومشهور يدعى جورج وأنجبت منه في البداية ابنه اسمتها ماري ثم بعد ذلك أنجبت منه طفل اسمته توماس، وبعد مرور ما يقار على العشرين عاماً على زواجها انفصلت عنه وانتقلت بعدها للإقامة في مدينة نيويورك، وتزوجت مرة أخرى من رجل آخر، وعاشت هناك حتى توفيت وتم دفنها في تلك المدينة.

وعلى الرغم من مرور فترة من الزمن على تلك القضية، إلا أنها في يوم من الأيام كانت قد أثارت الرأي العام وقام عدد كبير من خبراء علم الجريمة بدراسة كافة تفاصيل القضية، وقد توصلوا في النهاية إلى أن ماري قد قتلت بيير بالفعل، ولكن الشيء الوحيد الذي أنقذها هو أنه لم يتم التوصل إلى أي شاهد قد رآها حينما التقت مع بيير قبل موته.

المصدر: كتاب القصص القصيرة الكاملة من الأدب الإنجليزي - هـ. ج. ويلز - 2011م


شارك المقالة: