قصة مظلة

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر الكاتب والأديب الياباني ياسوناري كاواباتا من أهم وأبرز الأدباء الذين أبدعوا في مجال كتابة وتأليف الأدب الياباني والعالمي على حد سواء، حيث أنه نال شهرة واسعة من خلال الأعمال الأدبية التي كانت تصدر عنه، كما أنه تلقى العديد من الجوائز العالمية كتكريم له على التميز والإبداع في مجال الكتابة والتأليف، ومن أهم الأعمال الأدبية التي صدرت عنه هي قصة المظلة، والتي تمت ترجمتها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية، كما كان الأديب من أكثر الأدباء اليابانيين التي تمت ترجمت أعمالهم الأدبية إلى اللغة العربية.

قصة مظلة

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول الشخصية الرئيسية في القصة وهي فتاة ما زالت في مقتبل العمر، حيث أنه في أحد الأيام بدأت السماء تمطر، ولكن كان ذلك الوقت في فصل الربيع، وهذا يعني أن المطر لم يكن بذلك المطر الغزير، بل كانت أمطار ربيعية خفيفة لطيفة، وتلك الأمطار الخفيفة كانت تجعل الأشياء تتبلل بشكل خفيف وقد كان يحيط بقطرات المطر هذه كمية كبيرة من الضباب، ولم تكن تتجاوز ندواته ما يرطب البشرة قليلاً، وفي تلك الأثناء انطلقت الفتاة بكل شغف تعدو إلى الخارج لرؤية منظر الأمطار والاستمتاع بالسير تحتها، ولكن في تلك اللحظة اصطدمت بأنها وجدت نفسها تحت مظلة أحد الفتية.

وهنا قالت الفتاة: أوه إن السماء تنهمر بالمطر، وبينما كان الفتى يمر من أمام أحد المتاجر قام بفتح مظلته؛ وقد كان ذلك لسببين أولهم هو أن يقوم لحجب المظلة الأمطار عن نفسه وعن الفتاة، والسبب الثاني يتمثل في سعيه لحجب حالة الخجل التي اعترته حال رؤيته للفتاة وسيرة إلى جانبها، وقد كان كلا السببين يطغيان على أهمية حماية نفسه من المطر، ولكن على الرغم من كل ذلك، فقد مد يده التي كان يمسك بها المظلة نحو الفتاة، وفي تلك اللحظة وضعت الفتاة أحد أكتافها من ذات الجهة تحت يد الفتى، وهذا ما جعل الفتى يبتل من الأمطار.

وقد كانت رغبة الفتى في حماية الفتاة تجبره على الاقتراب شيئاً فشيئاً وبشكل أكبر من الفتاة، وهنا حاول أن يسألها في أنها ترغب في أن يستمر في حمايتها من الأمطار وأن تريد أن تشاركه الاحتماء منها، وهنا على الرغم من أنها كانت تريد أن تضع يدها فوق يد الفتى على مقبض المظلة، إلا أنها أدركت أنها ترغب في أن تركض بعيدًا.

وفي ذلك الوقت همّ كلاهما بالركض سوياً وتوجها إلى أحد الأماكن الذي يعرف بأستوديو تابع إلى أحد المصورين الفوتوغرافين والذي يدعى فوالد، وفي تلك الأثناء أراد الفتى أن ينقل من أجل الالتحاق بوظيفته التي كانت بالخدمة المدنية، وقد كان قرار الفتى ذلك قد ولد مشهد وداع بينه وبين الفتاة، إذ طلب منهم المصور أن يجلسا سوياً وقد أشار بيده باتجاه أريكة كانت موجودة في الاستديو، ولكن الفتى كان خجول ولم يتمكن من الجلوس إلى جانب الفتاة، ولذلك قرر أن يقف إلى الخلف منها بمسافة قصيرة، وفي تلك اللحظة أمسك عباءتها بشكل خفيف، بوقد كانت اليد الأخرى قد قام الفتى بإرخائها على ظهر الأريكة، وقد كان يريد من خلال من تلك الحركة أن يشعر بأن جسديهما قريبان من بعضهم البعض على نحو من الأنحاء.

وهنا شعر الفتى بشعور وإحساس جميل قد ثار بداخله بشكل مفاجئ بداخله، وقد كان ذلك الشعور قد وصفه بأنه يشبه الحرارة إلى حد ما، حيث أنه كانت تلك المرة الأولى على الإطلاق التي يلمس الفتاة فيها منذ لحظة لقائهم الأول، وقد كان ذلك الشعور قد تولد بداخله واستشعر به من خلال أطراف أصابعه، فأصبح يشعر بالدفء وتمنى لو أنه يقترب منها أكثر فأكثر، وقد أصبح ذلك المشهد عالق بذهنه وقال: أنه لن ينسى ذلك المنظر طوال حياته كلما نظر إلى الصورة، وفي تلك الأثناء سأل المصور الفتى والفتاة أتودان أن ألتقط لكم صورة أخرى؟ وقد أوضح أنه بمقدوره أن يلتقط صورة بشكل مقرب أكثر لهما، وهنا أشار أن ينبغي من أجل التقاط الصورة الثانية أن يقوم أحدهم إلى جانب الآخر، وهنا رد عليه الفتى بالإيماء أنه موافق، وهمس في أذن الفتاة وقال لها: ماذا عن شعرك.

وبسبب تلك الجملة تطلعت إليه الفتاة واحمرت وجنتاها من الخجل، كما توهجت عيناها بلمعة متألقة، ولهذا مضت مسرعة باتجاه الحمام، وقد كان ذلك بسبب أنه في وقت سابق حينما شاهدت الفتى للمرة الأولى وهو يمر من جانب المتجر قد اندهشت ووقفت أمامه دون أن يتاح لها من الوقت ما يلزم من أجل أن تقوم بترتيب وتنسيق شعرها.

ومنذ ذلك الوقت وهو يساورها الشعور بالقلق والاضطراب بسبب شعرها المشعث والمجعد، حيث كان طبيعة شعرها تبدو وكأنها أزالت عنه للتو الغطاء الواقي الذي تضعه خلال الاستحمام، ولم يفارقها الخجل على الاطلاق وقد استبد إلى داخلها إلى حد الذي أوصل بها أنها لم تتمكن من البدء في ترتيب خصلات شعرها النافرة على نحو جيد أمام المصور، ولكن الفتى كان قد حدث نفسه بأنه سوف يجعلها أشد شعوراً بالإحراج، وقد كان ذلك من خلال أن يطلب منها أن تكشف عن شعرها مجددًا.

وفي النهاية بينما كانا يوشك كل من الفتى والفتاة على مغادرة الاستديو نظر الفتى هنا وهناك من حوله من أجل البحث عن المظلة، وفي تلك اللحظة لاحظ أن الفتاة قد سبقته وسرعان ما أمسكت بها، وحينما لاحظت أن الفتى قد لاحظها، خطر في بالها بشكل مفاجئ أنه يزّورها بنظرة لأنها أخذت مظلته الخاصة به، ومن هنا حاولت أن تجعل فكرها يدور في حالة من التعقل، وهنا تساءلت يا هل ترى هل أظهر تحركها والذي كان قد صدر عني بشكل عفوي للفتى، وأنها تشعره بأنها بدورها تنتمي له؟.

وأخيراً لم يتمكن الفتى أن يقوم بالعرض عليها أن تمسك بالمظلة، وفي ذات الوقت لم تستطيع هي من الضغط على نفسها من أجل تسليمها له، ولكن حينما نظرا إلى الخارج وجدوا أن الطريق تبدو في الوقت الحالي بشكل مختلف تماماً عن الشكل الذي أقبلا به إلى استديو المصور، وهنا فقد أصبحا كلاهما بشكل مفاجئ من الأشخاص الكبار في العمر ورجعا كلاهما إلى داريهما وهما يشعران كأنهما أصبحا زوجان، حتى وإن اقتصر هذا الإحساس والشعور على مجرد حادثة المظلة تلك.


شارك المقالة: