عقوبة جوجي هي حكاية خيالية هندية، قصة بنجابية جمعها الرائد كامبل في فيروشبور، أدرجها أندرو لانغ في كتاب (The Lilac Fairy Book)
الشخصيات:
- جوجي.
- الراجا.
- الاميرة.
- الأمير.
قصة معاقبة جوجي:
ذات مرة ، جاء إلى مدينة رحم أباد القديمة شخص يدعى جوغي وهو رجل هندوسي ذو مظهر مقدس حيث اتخذ مسكنه تحت شجرة خارج المدينة، وكان يجلس لعدة أيام في كل مرّة صائماً عن الطعام والشراب بلا حراك إلا الأصابع التي تدار بلا هوادة في سلسلة الخرز.
سرعان ما انتشرت شهرة هذا القديس، وكان المواطنون يتزاحمون يوميًا لرؤيته متلهفين للحصول على بركته، أو لمشاهدة وسماع تعاليمه إذا كان في مزاج للتحدث، سرعان ما سمع الراجا وهو ملك القبيلة نفسه عن جوجي، وبدأ في زيارته بانتظام لطلب مشورته وطلب دعواته من أجل أن يعطيه الله الابن.
مرت الأيام، وفي النهاية أصبح الراجا مهووسًا بفكر الرجل المقدس لدرجة أنه قرر إن أمكن أن يستحوذ عليه لنفسه ولخدمته فبنى في الحي مزارًا صغيرًا، وأضاف إليه غرفة أو غرفتان، وفناء صغير محاط بجدران قريبة وعندما كان كل شيء جاهزًا، طلب من جوجي السكن فيه، وعدم استقبال أي زائر آخر باستثناء نفسه وملكته والتلاميذ الذين قد يختارهم جوجي والذين سينقلون تعاليمه.
على هذا وافق جوجي، وهكذا عاش لبعض الوقت على فضل الملك، بينما كانت شهرته تقوى وتزداد يومًا بعد يوم، على الرّغم من أنّ الراجا لم يكن له ابن، إلّا أنّه كان لديه ابنة والتي أصبحت عندما كبرت أجمل فتاة في القبيلة كلها، كان والدها قد وافق على خطبتها قبل فترة طويلة لابن راجا ديلارام المجاورة، لكنّها لم تكن قد تزوجته بعد.
كانت الأميرة قد سمعت بالطبع عن الرجل المقدس وصلاحه وصومه، وكانت مليئة بالفضول لرؤيته والتحدث معه، لكن هذا كان صعبًا حيث لم يُسمح لها بالخروج إلا في أراضي القصر، ثم كانت دائمًا تحت حراسة مشددة ومع ذلك، وجدت فرصة وشقت طريقها في إحدى الليالي وحدها إلى ضريح الناسك.
لسوء الحظ، لم يكن الناسك قديسًا كما بدا حيث لم يكد يرى الأميرة حتى وقع في حبها لجمالها الرائع، وبدأ يخطط في قلبه كيف يمكنه الفوز بها والزواج منها، لكن الفتاة لم تكن جميلة فحسب بل كانت أيضًا ذكية، وبمجرد أن قرأت في نظرة جوجي الحب الذي ملأ روحه، قفزت على قدميها وجمعت نفسها وركضت من المكان بأسرع ما يمكن.
حاول جوجي أن يتبعها، لكنه لم يكن قادرًا على مجاراتها لذلك شعر بالغضب وألقى عليها رمحًا، ممّا أدّى إلى جرحها في ساقها، انحنت الأميرة الشجاعة لثانية لتخرج الرمح من الجرح، ثم ركضت حتى وجدت نفسها آمنة في المنزل مرّة أخرى، هناك اغتسلت وربطت الجرح سراً، ولم تخبر أحداً عما حصل معها، لأنّها كانت تعلم أن والدها سيعاقبها بشدة.
في اليوم التالي، عندما ذهب الملك لزيارة جوجي لم يتحدث الرجل المقدس إليه ولم ينظر إليه، سأل الملك: ما المشكلة؟ ألن تتحدث معي اليوم؟ أجاب جوجي: ليس لدي ما أقوله وسيهمك سماعه، قال الملك: لماذا ا؟ بالتأكيد أنت تعلم أنّني أقدر كل ما تقوله، مهما كان، لكن جوجي كان لا يزال جالسًا ووجهه بعيدًا، وكلما ضغط الملك عليه، أصبح أكثر صمتًا وغموضًا.
قال أخيرًا بعد الكثير من الإقناع: دعني أخبرك، إذًا، أنه يوجد في هذه المدينة مخلوق إذا لم تضع حدًا له، فسوف يقتل كل شخص في المكان، الملك الذي كان خائفًا، أصبح بسهولة متأثرا بكلامه، فقال: ماذا؟ ثمّ شهق، ما هذا الشيء المخيف؟ كيف لي أن أعرفه وألتقطه؟ فقط انصحني وساعدني، وسأفعل كل ما تنصحني به.
أجاب جوجي: إنّه أمر مروع حقًا، إنها في شكل فتاة جميلة، لكنها في الحقيقة روح شريرة، جائت لزيارتي الليلة الماضية، وعندما نظرت إليها تلاشى جمالها إلى بشاعة حيث أصبحت أسنانها أنياب مروعة، وعيناها تتوهج مثل جمر النار، وانبثقت مخالب كبيرة من أصابعها النحيلة، ولو لم أكن ما أنا عليه من قداسة ربما اكلتني.
لم يستطع الملك أن يتكلم من شدة القلق، لكنّه قال أخيرًا: كيف لي أن أميز هذا الشيء الفظيع عندما أراه؟ قال جوجي، ابحث عن فتاة جميلة مصابة بجرح رمح في ساقها، وعندما يتم العثور عليها قم بحبسها بأمان وتعال وأخبرني، وسأنصحك بما يجب عليك فعله بعد ذلك.
سارع الملك بعيدًا، وسرعان ما وضع جميع جنوده يجوبون البلاد بحثًا عن فتاة مصابة برمح في ساقها حيث استمر البحث لمدّة يومين، ثم اكتشف بطريقة ما أن الشخص الوحيد المصاب بجرح في ساقه هو الأميرة نفسها. فذهب الملك، مضطربًا للغاية ليخبر جوجي، ويؤكد له أنه لا بد من وجود خطأ ما، لكن بالطبع كان جوجي مستعدًا لذلك، وكانت إجابته جاهزة.
قال بجدية: إنّها ليست ابنتك حقًا، فابنتك سُرقت عند ولادتها، ولكنّها روح شريرة اتخذت شكلها، يمكنك أن تفعل ما تريد، ولكن إذا لم تأخذ بنصيحي فسوف تقتلكم جميعًا، وبدا مهيبًا، وثابتًا في ثقته ويبدو أن حكمة الملك قد أعمّت، وأعلن أنّه سيفعل كل ما نصح به جوجي، ويؤمن بكل ما قاله.
فأمره جوجي أن يرسل له نجارين سرًا، وعندما وصلوا جعلهم يصنعون صندوقًا كبيرًا، ففصلوا ببراعة وربطوا معًا بحيث لا الهواء ولا الماء يمكن أن يخترقاها، وهناك ثم صنع الصندوق، وعندما كان جاهزًا طلب جوجي الملك أن يحضر الأميرة ليلا، فقام الاثنان بدفع الفتاة الصغيرة المسكينة في الصندوق وربطها بمسامير طويلة، وحملها ودفعها إلى النهر.
وبمجرد أن عاد جوجي من هذا الفعل، اخبر اثنين من تلاميذه وتظاهر بأنه قد تم الكشف له أنّه يجب العثور على صندوق عائم على النهر وبداخله شيء باهظ الثمن، وأمرهم بالذهاب ومشاهدته في مثل هذا المكان بعيدًا عن الجدول، وعندما جاء الصندوق ببطء يتمايل كان عليهم أن يمسكوه ويحضروه إليه سراً وبسرعة، لأنّه الآن مصمم على قتل الأميرة بنفسه.
انطلق التلاميذ على الفور، متسائلين عن غرابة مهمتهم، وأكثر من ذلك عن سبب كشف القديس جوجو الذي لم يعتد الكشف عن هذه الأسرار لهم، فحدث أنه مع بزوغ فجر اليوم التالي، كان أمير ديلارام الشاب الشجاع يصطاد على ضفاف النهر، مع عدد كبير من المتابعين للوزراء والمرافقين والصيادين له، وبينما كان يركب على النهر رأى قطعة كبيرة تطفو على النهر.
كان الصندوق يطفو ببطء، وعندما رآه الأمير نزل عن حصانه وأصدر أمرًا بأن ينزل عدد من الرجال في الماء ويسحبوا الصندوق إلى ضفة النهر حيث احتشد الجميع ليروا ما يمكن أن يحتويه، لم يكن الأمير بالتأكيد أقل فضول بينهم، لكنّه كان شابًا حذرًا، وبينما كان يستعد لفتح الصندوق بنفسه أمر الجميع بتجهيز سيوفهم حتى يكونوا مستعدين في حالة وجود وحش شرير في الصندوق.
او جن او عملاق، وعندما كان كل شيء جاهزًا، فتح الأمير بخنجره الغطاء ورمي به مرّة أخرى، وهناك رأى أجمل فتاة في حياته مستلقية، تعيش وتتنفس، على الرغم من أنّها كانت مكبوتة من حبسها في الصندوق، إلّا أنّ الأميرة عادت للحياة بسرعة، وعندما تمكنت من الجلوس، بدأ الأمير يسألها عن هويتها وكيف جاءت في صندوق ويطفو على الماء.
وأخبرته وهي ترتجف وتحمر خجلاً لتجد نفسها في حضور الكثير من الغرباء، أنّها أميرة رحمة آباد وأن والدها قد وضعها في الصندوق، عندما أخبرها من جانبه أنه أمير ديلارام، كانت دهشة الشباب بلا حدود ليجدوا أنّهم الذين خطبوا لبعظهم دون أن يرى أحدهم الآخر، كان عليهم أن يلتقوا بالفعل لأول مرة في مثل هذا الظرف الغريب.
تأثر الأمير بجمالها لدرجة أنّه طلب من وزرائه تجهيز الزواج في الحال من هذه السيدة الجميلة التي فاز بقلبها تمامًا، وتزوجا في ذلك الحين هناك على ضفة النهر، وعادوا إلى منزلهم في قصر الأمير حيث عندما رويت القصة، رحب بهم الراجا العجوز والد الأمير وتم قضاء ما تبقى من اليوم في حفل وابتهاج.
ولكن عندما انتهت المأدبة، أخبرت العروس زوجها أنّه الآن كان لديها المزيد لتروي ما حدث من مغامراتها أكثر ولكن لم تتح لها الفرصة لتخبره أمام الجميع، وبعد ذلك دون أن تخفي أي شيء أبلغته بكل ما حدث لها منذ أن ذهبت لزيارة جوجي الشرير.
في الصباح، طلب الأمير من وزيره وأمره أن يضع في الصندوق الذي وجدت فيه الأميرة قردًا عظيمًا كان يعيش مقيدًا بالسلاسل في القصر، وأن يعيد الصندوق إلى النهر، فأحضر الوزير القرد في الحال ووضعه في الصندوق، وأنزله بعض خدم الأمير إلى النهر ودفعوه إلى الماء، ثم تبعوا سرًا شوطًا طويلاً ليروا ما حل بها.
في هذه الأثناء، كان تلميذا جوجي يراقبان الصندوق مدّة يوم كامل دون جدوى، وفي اليوم الثاني وجدوا الصندوق العظيم وهو يطفو على النهر، وسرعان ما استحوذ عليهم فرح عظيم وابتهاج، لأنّهم اعتقدوا أنّ هذا هو بالفعل دليل آخر على حكمة سيدهم الرائعة، وببعض الصعوبة قاموا بتأمين الصندوق وحملوه بأسرع وقت ممكن وسرية إلى منزل جوجي.
بمجرد أن أحضروا الصندوق، أخبرهم جوجي أن يضعوه على الأرض، وأن يخرجوا بينما يفتح الصندوق السحري، ثمّ قال جوجي وهو يمشي إلى خزانة حيث وضع الحبل الحريري الذي كان سيخنق الأميرة به لتلاميذه: حتى لو سمعتم صرخات وأصواتًا، مهما كانت مزعجة فلا يجب عليكم الدخول بأي شكل من الأشكال.
وفعل التلميذان ما قيل لهما، وخرجا وأغلقا جميع الأبواب حيث سمعوا بعد قليل صرخة شديدة في الداخل وصوت جوجي يصرخ بصوت عالٍ طلباً للمساعدة، فلم يجرؤوا على الدخول، بسبب اخباره لهم أنّه مهما كان الضجيج فلا يدخلون، فجلسوا في الخارج ينتظرون ويتساءلون.
وفي النهاية قرروا الدخول ومعرفة ما إذا كان كل شيء على ما يرام. ما إن فتحوا الباب المؤدي إلى الفناء حتى انزعجوا تقريبًا من قرد ضخم جاء يقفز مباشرة إلى المدخل وهرب من أمامهم إلى الحقول المفتوحة، ثم صعدوا إلى الغرفة، وهناك رأوا جثة جوجي ممزقة إلى أشلاء على عتبة مسكنه! وسرعان ما انتشرت القصة، ووصلت إلى آذان الأميرة وزوجها، وعندما علمت أنّ عدوها قد مات، أخبرت والدها بالقصة كاملة.