تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول واحدة من الجزر المتواجدة بالقرب من المحيط الهادئ، وقد كانت تلك الجزيرة غير مسكونة بسبب الظروف التي مرت بها ولم تجعل أي شخص يفكر في الإقامة والسكن بها.
الشخصيات
- المزارع كيكو
- زوجة المزارع
- مجموعة جنود يابانيين
قصة ملكة أناتهان التي قتلت كل أزواجها
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في واحدة من الجزر المتواجدة بالقرب من المحيط الهادئ، وبسبب الظروف التي مرت بها لم تجعل أي شخص في يوم من الأيام يفكر في الإقامة والسكن بها، إذ كانت مهجورة ولا يوجد بها سوى آثار الحروب من قنابل فارغة وطلقات رصاص، وفي يوم من الأيام جاء إلى تلك الجزيرة شخص يدعى السيد كيكو وزوجته، وقد كان يعمل في مجال الزراعة، وقد كان السبب الذي دفع بالمزارع للقدوم إلى تلك الجزيرة هو أنه قد سئم الحياة مع الناس وأراد أن ينفرد بنفسه هو وزوجته بعيداً عن صخب الحياة.
وفي فترة من الفترات اشتعلت الحرب وبسبب الظروف التي أحيطت بالمنطقة وصل إلى تلك الجزيرة جنود كثيرة، وقد كانوا هؤلاء الجنود يعود أصلهم إلى دولة اليابان، ولم يكن قدومهم مخطط له، وإنما من محض الصدفة إذ أنه بينما كانوا يسيرون بقاربهم في وسط المحيط قامت مجموعة من القوات الحربية الأمريكية بضرب قاربهم، مما تسبب في تكسيره إرباً إربا، وبعد أن فقدوا قاربهم اضطروا للسباحة حتى يصلوا إلى أقرب مكان، منهم من توفى ومنهم من تمكن من الوصول إلى شواطئ تلك الجزيرة هي الأقرب لهم، ومن وصلوا كان عددهم قليل جداً.
وقد كانت تلك الأحداث في عام 1944م، وفي ذات العام قامت الولايات المتحدة الأمريكية بفرض سيطرتها بالكامل على الغالبية العظمى من الجزر وهي ما كان يطلق عليها اسم جزر الماريانا، ولكنها لم ترغب في السيطرة على الجزر الأصغر مساحة، لذلك تغاضت عن العديد من الجزر الصغيرة، ومن بين تلك الجزر كانت جزيرة أناتهان، ومنذ ذلك الوقت وقد أصبحت تلك الجزيرة من الجزر النائية المعزولة تمامًا عن العالم الخارجي، كما أنها لم تكن تخضع لأي حكومة ولا سياسة.
وعلى إثر انتشار الحرية والديمقراطية في تلك الجزيرة وعدم الخضوع لأي حكومة بدأ في كل يوم يتوافد مجموعة من السكان من أجل الإقامة والاستقرار بها، وكل مجموعة كانت تتكون من ثلاثة إلى أربعة أشخاص، وبعد مرور بعض الوقت أصبحت الجزيرة تحتوي عدد لا بأس به من السكان وهم عبارة عن ثمانية وثلاثين شخص، ولكن ما كان غريب في الأمر هو أن هؤلاء الأشخاص منهم سبعة وثلاثون رجل وسيدة واحدة فقط، وهي زوجة المزارع كيكو، وقد كانت حياة هؤلاء الأشخاص على تلك الجزيرة بكل هدوء واطمئنان وراحة، ولكن تلك الحالة لم تستمر طويلاً.
إذ ما حدث في يوم من الأيام أنه اختفى المزارع كيكو في ظل ظروف غامضة، ولحظة اختفاءه وإعلان زوجته ذلك لبقية الرجال هموا جميعاً بالبحث عنه في كل مكان من الجزيرة، ولكن دون فائدة، فلم يتم العثور على أي أثر يدل عليه، ولكن ما توصلوا إليه الرجال هو أن المزارع كيكو لم يخرج من تلك الجزيرة، وقد كان ذلك الأمر يهدئ من روعهم قليلاً ويطمئنهم بأنه ما زال على قيد الحياة.
وقد مرت فترة من الوقت ولم يظهر المزارع كيكو، كما أن الرجال قد أرهقهم البحث عنه كل يوم، وفي تلك الأثناء بقيت زوجة المزارع كيكو بمفردها بين مجموعة الرجال، فاقترحوا عليها أن تقوم باختيار واحد من بينهم حتى يكون زوجاً لها، وبالفعل اختارت زوجة المزارع رجل وتزوجا، ولكن بعد مرور فترة بسيطة على زواجهم تعرض لإطلاق النار على يد واحد من الرجال؛ وقد كان السبب في ذلك هو أنه رغب في أن يكون هو من وقع عليه اختيار زوجة المزارع للزواج منه، وعلى الدوام كان يصفها بأنها ملكة تلك الجزيرة ولا يليق بها سوى رجل مثله، وبعد تلك الحادثة اختارته زوجة المزارع من أجل أن تتخلص من شروره، ولكن ما حدث بعد أن تم الزواج بأيام هو أنه قام رجل آخر من بين الرجال بقتله من أجل أن يظفر هو بالزواج من الملكة.
وخلال فترة إقامة تلك المجموعة على تلك الجزيرة كانوا يعتادون على تناول جوز الهند وقصب السكر وبعض الحشرات التي تتواجد بكثرة في تلك الجزيرة، وتلك الأطعمة التي يتناولها كان في الحقيقة كل ما يتواجد على أرض تلك الجزيرة، فلا يوجد غيرها، وفي يوم من الأيام فكروا في ابتكار طعام جديد من تلك الأطعمة المتوفرة بين أيديهم، وبعد عدة محاولات تمكنوا من الوصول إلى طريقة لصنع مادة من جوز الهند.
وقد كانت تلك المادة تؤدي عند شربها إلى فقدان العقل لبعض الوقت، وفي حال شرب كمية كبيرة تؤدي إلى الإغماء، وقد كانت تلك المادة هي ما زادت حياتهم سوءً على تلك الجزيرة، وهنا بدأت زوجة المزارع تشعر بالخوف والرعب، إذ كانت تعلم أن كافة الرجال يرغبون في الزواج منها، فكيف يمكن أن يتحولوا بعد تناولهم لتلك المادة، وفي تلك اللحظة أخذت تفكر في حل يجعلها تحمي نفسها منهم.
وبعد تفكير عميق توصلت إلى أنه من الأفضل لها أن تقوم بالتلاعب عليهم، وقد كان ذلك الأمر قد تسبب في قيام حرب أهليه على تلك الجزيرة، وقد نتج عن تلك الحرب أنه تم قتل اثنا عشر رجل ممن تزوجتهم زوجة المزارع، وقد حدث ذلك على يد الرجال الآخرين، وطوال كل تلك الفترة التي حدثت بها الحرب الأهلية، لم يكن هؤلاء الرجال على علم بأي من مجريات الحرب التي كانت مشتعلة العالم الخارجي، وأن دولة اليابان في الحقيقة قد هزمت واستسلمت وانتهت الحرب.
على الرغم من أنه في ذلك الوقت تم توزيع العديد من المنشورات من قِبل القوات الأمريكية على جزر الماريانا تخبرهم بها أن الحرب قد انتهت وأنهم في أمان، إلا أنهم اعتبروا تلك المنشورات ما هي سوى مجرد محاولة لإخداعهم، واستمروا في الحياة على تلك الجزيرة حتى الخمسينات من القرن التاسع عشر، وذات يوم لمحت زوجة المزارع إحدى السفن التابعة إلى القوات أمريكية قريبة من الجزيرة.
وفي تلك اللحظة هرعت إلى تلك السفينة وطلبت النجدة من طاقمها في مساعدتها من أجل مغادرة تلك الجزيرة، وحينما علمت القوات الأمريكية أن الرجال تلك الجزيرة ما زالوا يعتقدون أن الحرب مستمرة أرسلت خطاب لليابانيين بأن يصدروا قرار يقنعون به هؤلاء الرجال أن الحرب انتهت، وفي النهاية اقتنعوا وقرروا العودة لدولتهم اليابان، ومن هناك قاموا بنشر ما حدث معهم طوال فترة حياتهم على تلك الجزيرة النائية، والتي كانت لا يعلمها أحد، مما جعل الصحف المحلية اليابانية تطلق على زوجة المزارع لقب ملكة النحل.
العبرة من القصة هي أنه حينما يقطن الخوف بالإنسان على حياته يفعل كل ما بوسعه من أجل التخلص من ذلك الخوف، ولا يدرك أي طريقة سوف يستخدم من أجل التخلص من ذلك الخوف.