مهما كانت الأعمال التي تُعنى بالسحر قد تقدم مفعولها في وقت من الأوقات، إلا أنه لا بد أن يأتي ذلك اليوم الذي يبطل به، إذ لا يمكن لأمور الشر والأذى أن تستمر إلى وقت طويل، كما أنه لا بد أن يأتي يوم ويظهر الحق في النهاية.
قصة ملكة الجزر المزهرة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول إحدى السيدات والتي كانت تعرف بأنها الملكة على مجموعة من الجزر، وفي واحدة من تلك الجزر كانت هناك سيدة توفي زوجها، وبعد أن توفي زوجها كانت قد وهبت حياتها إلى تربية ابنتها والتي تدعى ليلي، وتعليمها، ولكن بعد أن كبرت الفتاة شعرت والدتها بالقلق عليها، وقد كان ذلك القلق لأمر غريب وهو بسبب جمال ابنتها، إذ كانت الملكة ترفض أن يكون هناك من هو أجمل منها.
فقد كانت تلك الملكة التي تحكم الجزر لديها غرور بنفسها لا يوصف، إذ ترى أنها أجمل امرأة في هذا العالم أجمع، ومن أجل أن تبقى على فخر واعتزاز على الدوام بنفسها أمام هذا الشعب فقد كانت تشجع زوجها الملك باستمرار على أن يقوم بغزو كافة الجزر المجاورة لجزيرتهم، وبالفعل لبى زوجها طلبها وقام بغزو جميع الجزر المحيطة به، فقد كان على الدوام يسعى لإرضائها وتنفيذ أوامرها، وخلال تلك الغزوات كان قد اشترط على جميع الحكام المهزومين أن يقوموا بتقديم بناتهم اللواتي يبلغن من العمر خمسة عشر عامًا إلى الملكة؛ وذلك حتى يبايعنها على جمالها.
وفي يوم من الأيام حينما بلغت ليلي الخامسة عشر من عمرها تم إجبار والدتها أن تقوم بتقديمها إلى الملكة، ولكن ما حدث في ذلك الوقت هو أنه أول ما دخلت الفتاة ليلي على تلك الغرفة التي كانت تستقبل بها الملكة الفتيات وشاهدتها، شعرت الملكة بشعور غريبة من الغيرة؛ وذلك لأنها وجدت أنها لم تشاهد في يوم من الأيام أي فتاة توازي جمال ليلي من قبل، وهنا بعد أن تمعنت الملكة النظر بالفتاة قامت وغادرت مجلسها واتجهت نحو غرفتها وادعت حينها أنها تشعر ليست على ما يرام وبقيت ملازمة الفراش.
ثم بعد ذلك قامت بإرسال وصيفتها إلى الفتاة ليلي وطلبت منها أن تخبرها أن الملكة مريضة ولن تقوم بمقابلتها، ولكن الوصيفة كانت من السيدات المقربات جداً من والدة الفتاة ليلي، وبدل من أن تبوح لها بما صرحت به الملكة حذرتها من قدرات الملكة السحرية، كما أخبرتها عن غيرتها الشديدة من ابنتها، وطلبت منها أن تمنع ابنتها من مغادرة غرفتها لمدة تقارب على الستة شهور.
وفي ذلك الوقت أخذت والدة الفتاة بنصيحة صديقتها الوصيفة وعادت إلى المنول التي تقيم بها ومنعت ابنتها من مغادرة غرفتها لمدة ستة أشهر، وفي آخر يوم من تلك المدة طلبت الفتاة من والدتها أن تسمح لها بالخروج من أجل مشاهدة واحد من الاحتفالات، والتي كانت تقام على مقربة من القصر، ولأن والدة الفتاة كانت قد شعرت أن الخطر قد زال عن ابنتها، وافقت على أن طلب ابنتها، ولكنها بقيت تراقب ابنتها من بعيد، ولكن ما حدث فجأة هو أن نزلت الأميرة في واحدة من الحفر والتي ظهرت بشكل غريب في الأرض، ثم بعد ذلك اختفت الحفرة تماماً، واختفت معها الفتاة كذلك.
وأول ما سقطت تلك الفتاة في الحفرة وجدت أمامها غابة خضراء واسعة وهي بمفردها، وهنا بدأت تبحث عن أي شخص يقدم لها المساعدة من أجل الخروج من تلك الحفرة، ولكنها لم تعثر على أي شخص، وفجأة عثرت على كلب صغير يسير في الغابة، وقد كان ذلك الكلب أليف ولطيف، فحملته الفتاة سارت معه في الغابة، وبعد مسافة قصيرة عثرت على نافورة، وهنا شعرت بفرحة كبيرة؛ وذلك لأنها كانت تشعر بالعطش الشديد، وبعض مضي بعض الوقت أخذت تلتقط من الأشجار من حولها التي تملأ الغابة وتأكل من ثمارها، وعلى الرغم من كل ذلك، فإنه كان يقطنها الخوف الشديد من بقائها بمفردها في تلك الغابة.
وقد مرت الأيام والفتاة تقيم في تلك الغابة برفقة كلبها ففي بعض الأحيان تلعب معه، وفي أحيان أخرى تصنع له الطعام من ثمار الفاكهة، وفي أحيان أخرى تتجول معه في الغابة حتى يضنيهم التعب ويخلدان إلى النوم، وبقيت الفتاة على هذه الحال عدة شهور.
وفي يوم من الأيام بعد أن كانت الفتاة قد نامت لبعض الوقت استيقظت ولم تعثر على كلبها إلى جانبها، فأخذت تجري هنا وهناك في محاولة منها من أجل العثور عليه، ولكنها لم تعثر على أي أثر له، فأخذ الحزن يسيطر عليها وهمت بالبكاء، وهنا وبشكل مفاجئ ظهر أمامها رجل عجوز، فسرعان ما حاولت النداء عليه وطلب المساعدة منه، ولكنه فرّ بعيدًا ولم يجبها على الاطلاق.
وبعد مرور لحظات قليلة وجدت الفتاة نفسها في حديقة منزلها، وهنا سيطر عليها الشعور بالسعادة ودخلت مسرعة إلى الداخل، وأول ما رأت كانت شقيقتها الصغيرة كانت شقيقتها تضع على رأسها تاج الملكة وتجلس في ذلك المكان الذي جلس به والدتها على الدوام، فاحتضنتها بقوة، ثم سألتها عن والدتها، فأخبرتها أن والدتهما لم تتحمل فقدانها واختفائها ومن شدة الحزن توفيت.
وحينما سمعت الفتاة بذلك شعرت الألم على فراق والدتها، ثم بعد ذلك قررت أن تجلس إلى جانب شقيقتها وتفكر في كيف لها أن تدير شؤون المنزل بعد وفاة والدتها، وفي ذات الوقت كانت تشعر بالحنين إلى ذلك الكلب الذي كان يرافقها في الغابة، وهنا أعلنت في كافة الجزيرة التي أنها سوف تتزوج من الشخص الذي يعثر لها على الكلب، وعندما سمعوا سكان الجزيرة بذلك سرعان ما هموا بالبحث عن كلبها، ولكن دون جدوى.
وفي يوم من الأيام أخبرها واحد من رجال الجزيرة أن هناك العديد من المراكب التي قد رست في الميناء، وهنا تعجبت الفتاة من ذلك الأمر، وقد أشارت لها شقيقتها أن هذه السفن سلمية وقد جاءت بغرض التجارة، وبعد لحظات قليلة جاء ذلك الرجل مرة أخرى وأخبرها أن أمير جزيرة الزمرد وصل على متن تلك السفن وقد طلب رؤيتها.
وأول ما التقى ذلك الأمير مع الفتاة أخبرها أنه سوف يسرد عليها قصة لن يصدقها أحد غيرها، وهي أنه ذات يوم بينما كان يسير في الغابة، مرّ من جانب الملكة، ولكنه لم يكن يتعرف عليها فتجاهلها، ولأنها كانت سيدة مغرورة شعرت بالغضب من تجاهله لها، وقامت بتحويله إلى كلب انتقاماً منه.
وقد عاش في تلك الغابة وهو يشعر بالسعادة إلى جانبها، وحينما أدركت الملكة أنه سعيد بالحياة هناك حولته إلى رجل عجوز، ولكنه تمكن من الوصول إلى جنية في الغابة، والتي بدورها قامت بفك سحره وسحرها، وأنه بسبب ذلك تمكنت من العودة إلى المنزل، كما توسل إلى الجنية من أجل أن تفقد تلك الملكة القدرة السحرية، وبالفعل نجحت بذلك، وفي النهاية طلب يد الفتاة، فوافقت وعاشا حياة سعيدة.