قصة مملكة الغول

اقرأ في هذا المقال


قصة مملكة الغول أو (The Kingdom of the Ogres) هي حكاية فولكلورية صينية مقسمة إلى عدة فئات، حررها الدكتور فيلهلم، نشرت عام 1921، للناشر شركة فريدريك ستوكس.

الشخصيّات:

  • التاجر.
  • الزوجة.
  • الأبناء.
  • الغيلان.

مملكة الغول:

في أرض أنام، سكن مرةً رجلٌ يُدعى سو، أبحر في البحار كتاجر. وفي أحد الأيام دُفعت سفينته فجأة على شاطئ بعيد بسبب عاصفة كبيرة، ووجد نفسه بأرض تلال تقطعها وديان خضراء بأوراق شجر غنية، ومع ذلك فقد كان يرى شيئًا على طول التلال يشبه مساكن بشرية، لذلك أخذ معه بعض الطعام وذهب إلى الشاطئ.

ما إن دخل التلال حتى استطاع رؤية مداخل الكهوف، أحدهما قريب من الآخر مثل صف من خلايا النحل، لذا توقف ونظر في إحدى الفتحات وفيها جلست غولان أسنانهما كالرماح ولهما عينان مثل المصابيح النارية، كانوا يلتهمون غزالاً، ارتعب التاجر من هذا المنظر واستدار ليهرب، لكنّ الغيلان قد لاحظوه بالفعل وأمسكوا به وجروه إلى كهفهم، ثمّ تحدثوا مع بعضهم البعض بأصوات حيوانات، وكانوا على وشك نزع ملابسه من جسده وابتلاعه.

لكنّ التاجر أخذ كيس الخبز على عجل وجفّف اللحم وقدمه لهما، قسموه وأكلوه وبدا طعمه لذيذًا بالنسبة لهما، ثمّ نظروا مرة أخرى في الحقيبة، لكنّه أشار بيده ليبين لهم أنّه لم يعد لديه، ثم قال: دعوني أذهب! على متن سفينتي لدي أواني طبخ وخل وتوابل، وبهذه الأواني يمكنني تحضير طعامكم، لكن لم يفهم الغيلان ما كان يقوله، وما زالوا يشعرو بالشراسه.

لذلك حاول جعلهم يفهمون ما يقصده في تقديم عرض أمامهم، وفي النهاية بدا أنّهم حصلوا على فكرة عن معناه، فذهبا إلى السفينة معه، وأحضر معدات الطبخ الخاصة به إلى الكهف وجمع حطبًا، وأشعل نارًا وطبخ بقايا الغزال، وعندما انتهى الدور أعطاهم بعضًا منه ليأكلوا، وأكله المخلوقان بأكبر قدر من الرضا، ثمّ غادروا الكهف وأغلقوا الفتحة بصخرة عظيمة.

في فترة زمنية قصيرة عادوا مع غزال آخر كان قد اصطادوه، قام التاجر بقتله، وجلب الماء العذب، وغسل اللحم وطهى بعدة أواني مليئة به، وفجأة جاء قطيع كامل من الغيلان الذين التهموا كل ما طهوه، وأصبحوا متحمسين للغاية فيما يتعلق بأكلهم، ظلوا جميعًا يشيرون إلى الإناء الذي بدا صغيراً جدًا بالنسبة لهم، وبعد مرور ثلاثة أو أربعة أيام، جرّ أحد الغيلان قدر طهي ضخم على ظهره ،وازدحمت الغيلان حول التاجر، وأحضروا له الذئاب والغزلان والظباء، وكان عليه أن يطبخ لهم، وعندما ينضج اللحم، كانوا ينادونه ليأكل معهم.

وهكذا مرت أسابيع قليلة وأصبحوا يثقون به تدريجيًا لدرجة أنّهم سمحوا له بالتحرك بحرية، واستمع التاجر للأصوات التي ينطقونها وتعلم فهمها، ولم يمض وقت طويل حتى تمكن من التحدث بلغة الغيلان بنفسه، وقد أسعده هذا كثيرًا، فأتوا له بغول فتاة صغيرة وجعلوها زوجته التي أعطته الأشياء الثمينة والفاكهة لكسب ثقته، وبمرور الوقت أصبحوا مرتبطين ببعضهم البعض.

وفي أحد الأيام، نهض الغيلان مبكرين جدًا، وكل واحد منهم علّق سلسلة من اللؤلؤ المشع حول رقبته، أمروا التاجر بطهي كمية كبيرة من اللحوم، سأل التاجر زوجته عن معنى كل هذا، أجابت: سيكون هذا يوم احتفال عظيم، لقد دعونا الملك العظيم إلى مأدبة، ثمّ قالت للغيلان الآخرين: ليس لدى التاجر خيط من اللؤلؤ! فأعطاه كل غول خمسة لآلئ وزادت زوجته عشرة لؤلؤة فكان له في المجموع خمسون لؤلؤة.

قامت زوجته بتعليق عقد من اللؤلؤ حول رقبته، وكانت اللآلئ تساوي على الأقل عدة مئات من الفضة، ثمّ طبخ التاجر اللحم، وغادر الكهف مع القطيع كله لاستقبال الملك العظيم، جاءوا إلى كهف واسع في وسطه كتلة ضخمة من الحجارة، كانت ناعمة كطاولة، وكانت حولها مقاعد حجرية أخرى، كان مكان الشرف مغطى بجلد النمر، وكانت عشرات الغيلان جالسة حول الكهف في صفوف.

وفجأة، هبت عاصفة هائلة حلَّقت حولهم وكانت من التراب في أعمدة، وظهر وحش له شكل الغول، فاحتشد الغيلان خارج الكهف في حالة عالية من الإثارة لاستقباله، ركض الملك العظيم إلى الكهف، وجلس ورجلاه ممدودتان ونظر حوله بعينين دائرتين مثل النسر، ثمّ تبعه القطيع كله إلى الكهف، ووقف بكلتا يديه ينظر إليهم ويطوى ذراعيه على صدره.

أومأ الملك العظيم، ونظر حوله وسأل: هل كل سكان تلال وومي حاضرون؟ فأعلن القطيع بأكمله أنهم كذلك، ثمّ رأى التاجر فقال: من أين هذا؟ أجابت زوجته عنه وتحدث الجميع بمدح فنّه كطباخ، وأحضر زوجان من الغيلان اللحم المطبوخ ونشروه على الطاولة، ثمّ أكل منها الملك العظيم ومدحها وفمه ممتلئًا، وقال أنّه يجب أن يقدموا له دائمًا طعامًا من هذا النوع في المستقبل.

ثم نظر إلى التاجر وسأل: لماذا قلادتك قصيرة جدًا؟ ثمّ أخذ عشرة لآلئ من عقده، كانت كبيرة ومستديرة، أخذتهم زوجة التاجر نيابة عنه وعلّقتهم حول رقبته، فعقد التاجر ذراعيه مثل الغيلان وقدّم شكره لهم، ثمّ ذهب الملك العظيم مرة أخرى، وحلّق بعيدًا مثل البرق على العاصفة، وبمرور الوقت رُزق التاجر بالأطفال، ولدان وبنت.

كان لديهم شكل بشري ولا يشبهون أمهم، وتدريجيًا تعلم الأطفال التحدث وعلمهم والدهم لغتة، لقد نشأوا، وسرعان ما أصبحوا أقوياء، وذات يوم خرجت زوجة التاجر مع الفتاة وأحد الأولاد وتغيبت لمدة نصف يوم، كانت ريح الشمال تهب بخفة، وفي قلب التاجر استيقظ شوقًا إلى منزله القديم، أخذ ابنه الذي بقي عنده ونزل إلى شاطئ البحر، وهناك كانت سفينته القديمة لا تزال ملقاة، لذلك صعد إليها مع ولده، وفي يوم وليلة عاد مرة أخرى إلى أنام.

عندما وصل إلى المنزل، فكّ اثنتين من اللؤلؤ من سلسلته، وباعها بكمية كبيرة من الذهب حتى يتمكن من شراء منزل فخم، وأعطى ابنه اسم النمر، وعندما بلغ الولد أربعة عشر عامًا، كان بإمكانه رفع ثلاث مائة رجل بسهولة، ومع ذلك فقد كان قاسياً بطبيعته ومولع بالقتال، كان جنرال أنام مندهشًا من شجاعته، وعيّنه عقيدًا، وشارك في إخماد الثورة، لدرجة أنّه كان بالفعل جنرالًا من الرتبة الثانية عندما كان عمره ثمانية عشر عامًا.

في هذا الوقت تقريبًا، وصل تاجر آخر إلى الشاطئ بسبب عاصفة في جزيرة وومي، وعندما وصل إلى الأرض رأى شابًا سأله بدهشة: ألست من المملكة الوسطى؟ فأخبره التاجر كيف وصل إلى الشاطئ في الجزيرة، وقاده الشاب إلى كهف صغير في وادي سري، ثمّ أتى بلحم غزال ليأكله وتحدث معه، وأخبره أن والده جاء أيضًا من أنام، واتضح أن والده كان من المعارف القدامى للرجل الذي كان يتحدث إليه.

قال الشاب: علينا أن ننتظر حتى تهب الرياح من الشمال، ثمّ سأرافقك، وسأعطيك رسالة تحيّة لنقلها إلى أبي وأخي، سأل التاجر: لماذا لا تذهب بنفسك إلى والدك؟ أجاب الفتى: أمي ليست من الدولة الوسطى، إنّها مختلفة في الكلام والمظهر، لذلك لا يمكن الذهاب معها، وذات يوم هبّت الريح بقوة من الشمال فجاء الفتى إلى التاجر وطلب منه ألا ينسى كلمة واحدة من رسالته لوالده وأخوه.

ولما عاد التاجر إلى أنام ذهب إلى قصر الجنرال وأخبره بكل ما حدث. وعندما استمع إليه النمر وهو يتحدث عن أخيه، بكى حزنًا مريرًا، ثمّ أبحر في البحر مع جنديين، وفجأة نشأ إعصار ضرب الأمواج حتى ارتفعت إلى السماء، وانقلبت السفينة وسقط النمر في البحر، وتمّ القبض عليه من مخلوق بدا وكأنه غول، لذلك خاطبه النمر بلسان الغول، وسأله الغول متفاجئًا: من أنت؟ فأخبره النمر بقصته كاملة.

شعر الغول بالسرور وقال: وومي هو بيتي القديم، لكنّه يقع على بعد حوالي ثمانية آلاف ميل من هنا،  هذه مملكة التنانين السامة، ثمّ قام الغول بإحضار سفينة وجلس فيها النمر، بينما دفع بنفسه سفينتة عبر الماء، وفي الصباح ظهر خط ساحلي للشمال، وكان هناك شاب يقف على الساحل ينتظر، تعرف النمر على شقيقه.

صعد إلى الشاطئ واحتضنه وبكيا، وسأل النمر أخاه عن والدته وأخته وقال له أنّهما بخير وسعادة، فذهب لرؤيتهما وعندما رأوا النمر، بكوا بانفعال، وتوسّل إليهم النمر الآن للعودة معه إلى أنام، لكنّ والدته ردّت: أخشى أنني إذا ذهبت، سيسخر مني الناس بسبب شخصيتي، فقال النمر: أنا ضابط كبير، ولن يجرؤ الناس على إهانتك، فنزلوا جميعًا معه إلى السفينة.

وفي اليوم التالي وصلوا إلى الأرض، لكنّ الناس الذين واجهوهم أصيبوا بالرعب وهربوا، ثمّ نزع النمر عباءته وقسمها على الثلاثة حتى يرتدوا ملابسهم، وعندما وصلوا إلى المنزل ورأت الأم زوجها،  بدأت على الفور في توبيخه بعنف لأنّه لم يقل لها كلمة واحدة عندما غادر، لكن النمر نصح والدته بتعلم لغة الدولة الوسطى، وارتداء الحرير، وتعويد نفسها على الطعام البشري.

فعلت أمه ذلك، وكبر الأخ والأخت تدريجياً، وأصبحوا مثل شعب المملكة الوسطى وتعلموا القراءة والكتابة، وتزوجوا جميعاً وعاشوا بسعادة كبيرة بين البشر.


شارك المقالة: