نبذة عن شايع بن مرداس:
هو شايع بن مرداس الرمالي، هو شيخ الرمال، عاش في القرن الحادي عشر الهجري.
قصة قصيدة أخذت ثمان سنين فيحبس خير:
أمّا عن مناسبة قصيدة “أخذت ثمان سنين فيحبس خيّر” فيروى بأن شايع بن مرداس كان كثير الإغارة على من حوله من القبائل، وعلى البعيدين عنه أيضًا، وكان ممن يغير عليهم إبل ابن عرعر وعربانه وكل من كان تحت حمايته، حتى كثرت الشكوى عليه، فأقسم بأنّه إن أمسك به لسوف يبقيه في السجن حتى يموت، وفي يوم وقع شايع في قبضته، وسجنه وبقي في السجن ثمان سنوات.
وبعد ثمان سنوات أصبح ابنه عميرة في الثانية عشر من عمره، وفي يوم كان يلعب مع صبية، وبينما هم يلعبون غلب أحدهم فقال له الصبي: إنّك تتطاول علي لأنّك أكبر مني، ولو كان فيك خير لأخرجت أباك من سجنه، فقال له عميرة: إنّ أبي قد مات، فقال له الغلام: لا، بل هو مسجون عند أبي عرعر، فتوجه عميرة إلى والدته وسألها، ولكنها أنكرت وقالت له بأن أباه ميت، فأمسك بخنجر وهدد بأن يقتل نفسه، وعندها أخبرته بالحقيقة.
وبعد أن علم عميرة بأن أباه ما زال حيًا قرر أن يذهب ويخرجه من سجنه، وسأل أمه عن أصدقاء والده ومن هو أوفاهم، فأخبرته أنّ لوالده صديقًا كان وفيًا له، ولكنّه كبير في العمر، وهو كفيف، فذهب إليه عميرة وأخبره أنّه يريد أن يفك أسر والده، فطلب منه صديق والده أن يتريث، ولكنّه كان مصرًا على الذهاب، فقرر الشيخ أن يذهب معه، واختاروا رجلًا ثالثًا يذهب معهم.
وهكذا خرج الثلاثة إلى ديار ابن عرعر، وبقوا في مسيرهم حتى اقتربوا من دياره، فتوقفوا في مكانهم حتى غربت الشمس، وعند الغروب دخل الغلام إلى ديار ابن عرعر، وأخبر الرجلين بأنّه إن تأخر عليهم بالهروب، وعندما وصل عميرة إلى بيت ابن عرعر ربط خيله، ودخل مع الضيوف، وجلس معهم، وكان يحاول التعرف على أبيه، ولكنه لم يعرفه، وبقي يحاول أن يميزه من بين الحاضرين، حتى أتوا بالعشاء، وعندها جاء أحد الخدم ومعه صحن فيه طعام، فقال له أحدهم: ضع الطعام لشايع.
فذهب من فوره إلى أبيه، وجلس تحت قدميه، وأخذ يقبله، وقال له: هل أنت شايع، فقال له: نعم، أنا هو، ثم قال: هل أنت ولدي؟، فقال له: نعم، فقال له: وما الذي أتى بك إلى هنا؟، فقال له عميرة: أتيت أخرجك من أسرك، فقال له والده: سلمت يا ولدي، ولكن هذا الأمر صعب للغاية، لأنّ أغلالي مصنوعة من الرصاص، وهي لا تتزحزح، فقال له ابنه: وما الحل يا والدي؟، فقال له والده: اذهب الآن، لكي لا تثير ريبتهم، ومن ثم نرى ماذا نفعل.
فقال له : و ما هو الحل ؟، فقال: الآن أذهب إلى العشاء كي لا يرتابوا منك، و ثم نرى ما ذا نفعل، وبينما كان الرجال يتناولون العشاء انتبه عميرة إلى أحد أبناء ابن عرعر، وقد كان كلما غاب هذا الصبي أرسل ابن عرعر أحد رجاله في طلبه، وقال له: هات الولد من عند أمه، وعندما غادر الولد ذهب عميرة إلى أمه وطلبه منها، وقال لها بأنه لابن عرعر، فأعطته له، وحمله وعاد به إلى صاحبيه، وقبل أن يغادر توجه إلى والده وأخبره بأنّه قد أخذ ابن الأمير، وأن لن يعيده إلا إذا حرروه، وعندما فقدت الأم غلامها صاحت على ابن عرعر، فأتاها وأخبرته بأن ابنها مفقود، فأخذ الرجال يبحثون عنه حتى الصباح ولكنّهم لم يجدوه.
وعندما عاد الأمير إلى بيته، استغرب من حال شايع، فقد كان فرحًا، فسأله عما حل به، فقال له شائع: إني أضحك عليك، فقال له ابن عرعر: لماذا؟، فقال له شايع: إنّ ابني قد أخذ ابنك، وهو الآن في أمان معه حتى تعيدني إلى قومي، وعندها سوف يعود ابنك لك، فأعاد ابن عرعر شايع إلى قومه وبعث معه مئة ناقة وخمسون حصانًا أصيلا، وعندما وصلع شايع إلى قومه أعادوا غلام ابن عرعر إليه، وقد قال شايع في خبر ذلك:
أخذت ثمان سنين فيحبس خيّر
و التاسعة جاني صدوق الفعايل
جاني غلامٍ ما بعد خطشاربه
و لا قط في قلبه من الخوف زايل
و دنّق علي مظنون عيني وحبّني
و دموع عينه فوق وجهي شلايل
و أنا الحديد بساق رجلي مغلّق
و الرجل كلّت من حمول الثقايل
تعيش يا شبل سطى ليلة الدجى
على ولد شيخٍ عمل بي هوايل
سطى و جاب الورع من ربعة أمّه
من حضن زين اللون شقراء جدايل
هديته على دربٍ صعيبٍ ولا هفى
و جاب الذي ضجّت عليه القبايل
سطى و زم الورع ومرّن و أحبّني
و جلا عني مرٍ على الكبد جايل
و شاله على قطّاعة الريد وجنا
ما يلحقنّه ناتلات الحبايل
و أقفى على الوضحاء كما الهيق وصفه
تشادي لهيقٍ من شفاء الريح زايل