قصة قصيدة “أميم أثيبي قبل جد التزيل”:
أمّا عن مناسبة قصيدة “أميم أثيبي قبل جد التزيل” فيروى بأن بنو جعفر وبنو عجلان قد اقتتلوا، فقتل أحد رجال بني جعفر رجلًا من بني عجلان، وكانت جدة القتال من بني عجلان، وتدعى أم أبيه، ولكن أهل جدته بنو عجلان، استبطؤوا القتال في الطلب بثأرهم من بني جعفر، فحثهم وحرضهم على الأخذ بثأرهم، ولكنّه بلغه أنّهم قد أخذوا الدية على المقتول من بني جعفر، فأنشد يعيرهم بذلك قائلًا:
لَعَمري لَحَيٌّ مِن عَقيلٍ لَقيتُهُم
بِخَطمَةَ أَو لاقَيتُهُم بِالمَناسِكِ
عَلَيهِم مِنَ الحوكِ اليَمانِيِّ بِزَّةٌ
عَلى أَرحَبِيّاتِ طِوالِ الحَوارِكِ
أَحَبُّ إِلى نَفسي وَأَملَحُ عِندَها
مِنَ السَرَواتِ آلِ قَيسِ إِبنِ مالِكِ
إِذا ما لَقَيتُم عُصبَةً جَعفَرِيَّة
كَرِهتُم بَني اللَكعاءِ وَقعَ السَنابِكِ
فَلَستُم بِأَخوالي فلا تَصلِبَنَّني
وَلَكِنَّما أُمّي لِإِحدى العَواتِكِ
قِصارُ العِمادِ لاتَرى سَرَواتُهُم
مَعَ الوَفدِ جَثّامونَ عِندَ المَبارِكِ
قُتِلتُم فَلَمّا أَن طَلَبتُم عَقَلتُمُ
كَذَلِكَ يُؤتى بِالذَليلِ كَذَلِكِ
وفي يوم اعترض القتال الكلابي وجماعة كانوا معه أحد رجال بني جعفر، وقتلوه وأخذوا ما كان معه من مال، فشاع خبر ذلك حتى وصل إلى عامل مروان بن الحكم، فأمسك بهم، وبعثهم إلى مروان بن الحكم في المدينة المنورة، فحبسهم مروان حتى ينظر في أمرهم، فخاف القتال الكلابي أن يتم قتله على ما فعل، وقام بقتل السجان، ولاذ بالفرار، فخرج هو ومن كان معه في السجن، فقال في خبر ذلك قصيدة، قال فيها:
أُمَيمَ أَثيبي قَبلَ جِدِّ التَزَيُّلِ
أَثيبي بِوَصلٍ أَو بِصَرمٍ مُعَجَّلِ
أُمَيمَ وَقَد حُمِّلتُ ما حُمِّلَ إِمرُؤٌ
وَفي الصَرمِ إِحسانٌ إِذا لَم يُنَوَّلِ
وَإِنّي وَذِكري أُمَّ حَيّانَ كَالفَتى
مَتى يَذُق طعمَ المُدامَةِ يَجهَلِ
نَظَرتُ وَقَد جَلّى الدُجى طاسِمَ الصُوى
بِسَلعٍ وَقَرنُ الشَمس لَم يَتَرَجَّلِ
إِلى ظُعُنٍ بَينَ الرَسيسِ فَعاقِلٍ
عَوامِدَ لِشيقَينِ لَم يَتَرَجَّلِ
أَلا حَبَّذا تِلكَ الدِيارُ وَأَهلُها
لَو أَنَّ عَذابِي بِالمَدينَةِ يَنجَلي
بَرَزتُ بِها مِن سِجنِ مَروانَ غَدوَةً
فَآنَستُها بِالأَيمِ لَمّا تَحَمَّلِ
وَآنَستُ حَيّاً بِالمَطالي وَجامِلاً
أَبابيلَ هَطلى بَينَ راعٍ وَمُهمَلِ
وَمُردٍ عَلى جُردٍ يَسارَ لِمَجلِسٍ
كِرامٍ بِأَيديهِم مَوارِنُ ذُبَّلِ
وقال أيضًا:
بَكيتُ بِخَلصَتي شَنَّةً شَدَّ فَوقَها
عَلى عَجَلٍ مُستَخلِفٍ لَم تَبَلَّلِ
عَلى شارِفٍ تَغدو إِذا مالَ ضَفرُها
عَسيرِ القِيادِ صَعبَةٍ لَم تُذَلَّلِ
جَديدٌ كُلاها مُنهَجٌ حَجَراتُها
فَلِلماءِ سَحٌّ مِن طِبابٍ مُشَلشَلِ
وَشُبَّت لَنا نارٌ لِلَيلى شِيافَةً
يُذَكّى بِعودِ جَمرِها وَقَرَنفُلِ
أَقولُ لِأَصحابي الحَديد تَرَوَّحوا
إِلى نارِ لَيلى بِالعُقوبَينِ نَصطَلي
يُضيءُ سَناها وَجهَ لَيلى كَأَنَّما
يُضيءُ سَناها وَجهَ أُدماء مُغزِلِ
غَلا عَظمُها وَإِستَعجَلَت عَن لِداتِها
وَشَبَّت شَباباً وَهيَ لَمّا تَرَبَّلِ