قصيدة إني دعاني الحين فاقتادني

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة إنّي دعاني الحين فاقتادني:

أمّا عن مناسبة قصيدة “إنّي دعاني الحين فاقتادني” فيروى بأنّ عاتكة بنت معاوية بن أبي سفيان كانت فتاة جميلة، تحسن الشعر وتبدع في إلقائه، وفي يوم ذهبت إلى أبيها واستأذنته بأن تذهب إلى الحج هي وصديقاتها، فسمح لها بذلك، فجهزت نفسها لذلك، وسارت مع صديقاتها على ظهور الإبل، وعندما وصلت إلى مكة، مرّ بها وهب الجمحي المكنى بأبي دهبل، وكان جميل المظهر، فأخذ ينظر إليها، ويسرق منها النظرات، وكان الوقت جهيرًا، والستار مرفوع عنها، فانتبهت إليه، وشتمته كثيرًا، ثم أمرت جواريها بأن يسدلن عليها الستار، فقال أبو دهبل:

إِنّي دَعاني الحينُ فَاِقتادَني
حَـتّـى رَأَيـتُ الظَـبـيَ بِـالبابِ

يـا حُـسـنَهُ إِذ سَـبَّني مُدبِراً
مُــسـتَـتِـراً عَـنّـي بِـالجِـلبـابِ

سُـبـحـانَ مِـن وُقـوفِهـا حَسرَةً
صَـبَّت عَـلى القَـلبِ بِـأَوصـابِ

يَـنـودُ عَـنـهـا إِن تَـطَلَّبتُها
أَبٌ لَهــــا لَيــــسَ بِـــوَّهّـــابِ

أَحَـلَّهـا قَـصـراً مَـنـيعَ الدُرى
يُــحــمــى بِــأَبــوابٍ وَحـجّـابِ

فشاع ما قال فيها في مكة، حتى وصل إلى عاتكة، فطربت بما سمعت وبعثت إلى أبي دهبل بهدية، فتراسلا وأحبا بعضهما، وعندما غادرت عاتكة مكة، واتجهت إلى الشام، لحقها أبو دهبل، حتى وصل معها إلى الشام، وعندما وصلوا إلى الشام انقطعت عاتكة عن ملاقاته، فمرض مرضًا شديدًا، وقال في ذلك:

طـــالَ لَيـــلى وَبِــتُّ كَــالمَــجــنــونِ
وَاِعـتَـرَتـنـي الهُـمـومُ بِـالمـاطِرونِ

صــاحِ حَــيّــا الإِلهُ أَهــلاً وَدوراً
عِــنــدَ أَصـلِ القَـنـاةِ مِـن جَـيـرونِ

عَــن يَــســارٍ إِذا دَخَــلتُ مِـنَ البـابِ
وَإِن كُــنــتُ خــارِجــاً بِــيَـمـيـنـي

فَـبِـتِـلكَ اِغـتَـرَبـتُ في الشَأمِ حَتّى
ظَـــنَّ أَهـــلي مُـــرَجَّمـــاتِ الظُــنــونِ

وذاع شعره حتى وصل إلى أبيها، فصبر حتى أتاه أبو دهبل في يوم الجمعة مع جماعة من الناس، دخلوا لكي يسلموا عليه، وعندما همّ أبو دهبل بالمغادرة، ناداه معاوية، وكانا لوحدهما فقال له: لم أكن أحسب أنّ في قريش من هو أشعر منك، حيث قلت:

ليت شعري أمن هوى طار نومي
أم براني الباري قصير الجفون

ولكنك قلت:

وإذا ما نسبتها لم تجدها
في سناء من المكارم دون

فقال له أبو دهبل: والله إنّي لم أقل هذا، ولكنّه قيل كذبًا عني، فقال له معاوية: لا تخف مني، لأنّي أعلم أن ابنتي عفيفة، وإنّي أغفر للفتيان من الشعراء أن يتشببوا بمن يريدون، ولكنّي أخاف عليك من أخيها يزيد، فوالله إنّ عنده من سورة الشباب، وأنفة الملوك، فخاف أبو دهبل ورحل من الشام وعاد إلى مكة.


شارك المقالة: