حالة شاعرة القصيدة:
كانت حالة الشاعرة عندما أنشدت هذه القصيدة الشوق والحنين لزوجها المتوفي، والألم على فراقه.
قصة قصيدة إني وإن عرضت أشياء تضحكني:
أما عن مناسبة قصيدة “إني وإن عرضت أشياء تضحكني” فيروى بأنّ رجلًا من تميم قد ضلت عنه إبله، فخرج من دياره في أثرها، وبينما هو يبحث عنها، إذ هو بجارية شديدة الجمال، فكانت كالآية في الحسن والجمال، وقد كانت هذه الجارية تقف أمام خيمتها، وعندما رأته قالت له: ما بك يا أخي؟، فقال لها: قد ضلّت لي إبلي، وقد خرجت أبحث عنها، ولكنني لم أعرف خبرها حتى هذه اللحظة، فقالت له الجارية: هل أدلك على من عنده علم إبلك؟، فقال لها الرجل: بلى، فقالت له الجارية: إنّ الذي أعطاك إبلك هو الذي قد أخذها منك، وهو أحق منك بأن يرد عليك إبلك، فعليك أن تقوم بسؤاله عنها بيقين.
فأعجب الرجل بما سمعه من هذه الجارية، وقال لها: هل أنت متزوجة؟، فقالت له: لقد كنت متزوجة ولكن قد مات، ثم أنشدت قائلة:
إني وإن عرضت أشياء تضحكني
لموجع القلب مطوي على الحزن
إذا دجا الليل أحياني تذكره
وزادني الصبح أشجاناً على شجني
وكيف ترقد عين صار مؤنسها
بين التراب وبين القبر والكفن
ابلي الثرى وتراب الأرض جدّته
كأن صورته الحسناء لم تكن
أبكي عليه حنيناً حين أذكره
حنين والهة حنت إلى وطن
أبكي على من حنت ظهري مصيبته
وطير النوم عن عيني وأرقني
واللّه لا أنس حبي الدهر ما سجعت
حمامة أو بكى طير على فنن
فقال لها الرجل عندما رأى ما عندها من جمال ومن فصاحة: هل تقبلين أن تتزوجي من رجل لا تذم أخلاقه، وتؤمني جانبه، فسكتت الجارية لبرهة من الزمن ثم أنشدت تقول:
كنا كغصنين في أصل غذاؤهما
ماء الجداول في روضات جنات
فاجتث خيرهما من جنب صاحبه
دهر يكر بفرحات وترحات
وكان عاهدني إن خانني زمني
أن لا يضاجع أنثى بعد مثواتي
وكنت عاهدته أيضاً فعالجه
ريب المنون قريباً من سنيات
فاصرف عنك عمن ليس يردعه
عن الوفاء خلاف في التحيات
فانصرف الرجل من عندها وتركها وهي تبكي وهو يشعر بالندم على ما سبب لها من ألم.