قصة قصيدة إن التي طرقتك بين ركائب:
أمّا عن مناسبة قصيدة “إنّ التي طرقتك بين ركائب” فيروى بأنّ عبد الرحمن بن أبي عمار قد قرر في يوم أن يزور سهل بن عبد الرحمن بن عوف، وبالفعل توجه إلى المدينة التي يسكن فيها سهل، وبينما هو في طريقه إلى هنالك صادف جارية، وقد كانت هذه الجارية ذات جمال أخَّاذ، وتدعى “سلامة الزرقاء”، وقد كانت سلامة الزرقاء تغني حينما صادفها عبد الرحمن، وقد سمع غناءها وأعجب بها، فرآه أحد من مواليها، فقال له: هل تريد أن تدخل وتسمعها؟، فقال له: كلا، فرد عليه وقال: أنا أجلس معكم، فدخل وجلس فأعجب بها، فقال له مولاها: هل أخرجها لك؟، فقال له: بتردد لا!، ثم قال له أخرجها، فخرجت وجلست بين يديه وغنت له فعشقها وأحبها، فذاع صيت حبه بالجارية انحاء مدينة مكة المكرمة حتى أصبح اسمها سلامة القس.
وفي يوم اعترفت سلامة له بحبها وقالت له: والله أنّي أحبك، فرد عليها عبد الرحمن بن أبي عمار قائلًا: وأنا كذلك، ولكن بعد ذلك جاءت له إشارة من الله تعالى بأن يترك سلامة ويعود إلى عبادته، فغادر وعيناه مليئة بالحزن على فراق محبوبته، وعاد إلى ما كان عليه من عبادة ونسك، وقد قال فيها أبيات كثيرة.
نص قصيدة إنّ التي طرقتك بين ركائب:
إنّ التي طرقتك بين ركائب
تمشي بمزهرها وأنت حرام
باتت تعلّلنا، وتحسب أنّنا،
في ذاك أيقاظ ونحن نيام
حتّى إذا سطع الصّباح لناظرٍ
فإذا الذي ما بيننا أحلام
قد كنت أعذل في السّفاهة أهلها
فاعجب بما تأتي به الأيام
فاليوم أعذرهم وأعلم أنّما
طرق الضّلالة والهدى أقسام
وقال فيها أيضاً:
على سلّامة القلب السّلام
تحية من زيارته لمام
أحبّ لقاءها، وألوم نفسي،
كأنّ لقاءها شيءٌ حرام
إذا ما حنّ مزهرها إليها
وحنّت نحوه، أذن الكرام
فمدّوا نحوها الأعناق حتّى
كأنّهم وما ناموا نيام
نبذة عن حياة عبد الرحمن بن أبي عمار:
أمّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة فهو: عبد الرحمن بن أبي عمار، أشتهر باسم عبد الرحمن بن عبد الله القس، عاش في المدينة المنورة ومكة المكرمة، كان مشهورة بالنسك أحب جارية تدعى سلامة، وبعد أن ذاع صيت حبهم سميت سلامة القس.