ما لا تعرف عن قصة قصيدة “إن كنت أطردتني ظالما”:
أمّا عن ابن رهيمة فهو أحد شعراء العصر الأموي، وواحد من شعراء الغزل العفيف، وعاصر الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بن مروان عاشر الخلفاء الأمويين، ولكنه لم ينل الاهتمام الكافي به في كتب التراث العربي، وقد سمي شعره بالزيانب نسبة إلى محبوبته زينب، وامتاز شعره بالسهولة والرقة، وكان شعره أيضًا يغنى كونه يمتاز بالرشاقة والخفة وبذلك يصلح للغناء.
وأمّا عن مناسبة قصيدة ” إن كنت أطردتني ظالما ” وقد أحب زينب بنت عكرمة بنت عبد الرحمن، وكتب فيها الشعر وكان مغني يدعى يونس يغني شعره، فسار خبر عشقه لزينب بين الناس، وافتضحت زينب، وعندما وصل خبر ذلك إلى هشام بن عبد الملك قام باستدعائه هو ويونس، وأمر بأن يضرب كل منهما خمسمائة سوط، وأن يستباح دمه إن عاود ذكرها وأن يفعل المثل لكل من غنى شعره، فقام ابن رهيمة بالهرب من المدينة هو ويونس، وعندها أنشد قائلًا:
إن كنت أطردتني ظالما
لقد كشف الله ما أرهبُ
ولو نلت مني ما تشتهي
لقلّ إذا رضيت زينبُ
وما شئت فاصنعه بي بعد ذا
فحبي لزينب لا يذهبُ
وعندما عرف ابن رهيمة زينب، وأحبها كان كبيرًا في العمر، وفي ذلك أنشد قائلًا:
أقْصدت زينبُ قلبي بعدما
ذهب الباطل عني والغزل
وعلا المفرق شيبٌ شاملٌ
واضحٌ في الرأسِ مني واشتعل
وكان معروف عن شعر ابن رهيمة أنّه واضح وصريح، ومن ذلك قوله:
إنّما زينب همي بأبي تلك وأمي
بأبي زينب لا أكني ولكنّي أسمي
بأبي زينب مِن قاضِ قضى عمدا بظلمي
بأبي من ليس لي في قلبه قيراط رحمِ
ومن مأساة ابن رهيمة أنّ حبه على ما يبدو لزينب كان من طرف واحد، والذي زاد من ألمه وجعله عائشًا وحيدًا في وحشة، ومن ذلك قوله:
أقْصدت زينبُ قلبي
وسَبَت عقلي ولُبي
تركتني مستهاما
أستغيُث الله ربي
ولها عندى ذنوبٌ
في تنائيها وقربي!!
وقد توفي ابن رهيمة في ظروف غامضة، وذلك بعد أن هرب من الخليفة هشام بن عبدالملك، ويرجح بأنّه قد مات وهو هائم في الصحراء وهو يتذكر زينب التي رفضت أن تحبه وأن تتزوج منه.