قصيدة - تأوبني فبت لها كبيعا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “تأوبني فبت لها كبيعا”:

أمّا عن مناسبة قصيدة “تأوبني فبت لها كبيعا” فيروى بأنّه كان هنالك رجلًا من بني حنيفة يدعى جحدر بن مالك، وقد كان جحدر شجاعًا، وفي يوم أغار على أهل حجر، وبلغ خبر ذلك إلى الحجاج بن يوسف الثقفي، فبعث إلى من كان قائمًا على حجر يوبخه، وأمره بأن يجتهد في طلب جحدر والقبض عليه، وعندما وصله كتاب الحجاج أرسل إلى فتيان من بني يربوع، ووعدهم بأن يعطيهم ما أرادوا إن قاموا بقتل جحدر أو أسره، فانطلق الفتيان يبحثون عن جحدر، وعندما وجدوه بعثوا إليه أنّهم يريدون منه الحماية، فاطمئن جحدر لهم، وعندما اقتربوا منه، قاموا بتقييده وأخذوه عند عامل الحجاج، فأخذه العامل وتوجه به نحو الحجاج.

وعندما دخل جحدر عند الحجاج، سأله الحجاج، وقال له: من أنت؟، فقال له: أنا جحدر بن مالك، فقال له الحجاج: وما الذي دفعك إلى مافعلت؟، فقال له جحدر: جرئة جناني، وجفاء سلطاني، وكلب زماني، فقال له الحجاج: وما الذي حصل لك لكي يجرؤ جنانك؟، فقال له جحدر: إن ابتليتني يا مولاي أكرمك الله، واختبرتني لوجدتني من أصلح الأعوان، ومن أشجع الفرسان، ولوجدتني من أنصح رعيتك.

فقال الحجاج لجحدر: سوف ألقي بك في قفص فيه أسد جائع، فإن قتلك كفانا شرك، وإن أنت قتلته أخليت سبيلك، فقال له جحدر: أصلحك الله أيّها الأمير لقد عظمت منتي وكبرت محنتي، فقال له الحجاج: فلن نضعك معه لتقاتله إلّا وأنت مقيد بالسلاسل، فأمر الحجاج رجاله أن يربطوا يده اليمين في عنقه، ومن ثم قام بإرساله إلى السجن، فقال جحدر لمن كان يقوده إلى السجن: أتحمل عني شعرًا، فقال له الرجل: نعم، قل، فأنشد جحدر قائلًا:

تأوبني فبت لها كبيعاً
همومٌ لا تفارقني حواني

هي العواد لا عواد قومي
أطلن عيادتي في ذا المكان

إذا ما قلت قد أجلين عني
ثني ريعانهن علي ثاني

وكان مقر منزلهن قلبي
فقد أنفهنه فالقلب آني

أليس الله يعلم أنّ قلبي
يحبك أيّها البرق اليماني

وأهوى أن أعيد إليك طرفي
على عدواء من شغلٍ وشان

نظرت وناقتاي على تعادٍ
مطاوعتا الأزمة ترحلان

إلى ناريهما وهما قريبٌ
تشوقان المحب وتوقدان

وهيجني بلحنٍ أعجمي
على غصنين من غربٍ وبان

فكان البان أن بانت سليمى
وفي الغرب اغترابٌ غير داني

أليس الليل يجمع أم عمرو
وإيانا فذاك بنا تداني

بلى وترى الهلال كما أراه
ويعلوها النهار كما علاني

فما بين التفرق غير سبعٍ
بقين من المحرم أو ثمان

فيا أخوي من جشم بن سعدٍ
أقلا اللوم إن لم تنفعاني

إذا جاوزتما سعفات حجرٍ
وأودية اليمامة فانعياني

إلى قومٍ إذا سمعوا بنعيٍ
بكى شبانهم وبكى الغواني

وقولا جحدرٌ أمسى رهيناً
يحاذر وقع مصقولٍ يماني

يحاذر صولة الحجاج ظلماً
وما الحجاج ظلاماً لجاني

ألم ترني غذيت أخا حروبٍ
إذا لم أجن كنت مجن جاني

فإن أهلك فرب فتى سيبكي
علي مهذب رخص البنان

ولم أك قد قضيت ديون نفسي
ولا حق المهند والسنان

وأمر الحجاج أحد عامليه أن يبعث له بأسد قوي، وعندما وصل الأسد إلى عند الحجاج، قام بتجويعه لثلاثة أيام، وأمر الحرس بأن يحضروا جحدر، فأحضروه وأدخله إلى الغرفة التي فيها الأسد، وفي اللحظة التي دخل فيها جحدر قفز عليه الأسد، فأمسك جحدر بالسيف في يساره، وضربه ضربة، وأوقعه ميتًا منها، فكبر الحاضرون، وقام الحجاج بفك أسره.

المصدر: كتاب "شعراء صدر الإسلام والعصر الأموي " تأليف عبد عون الروضانكتاب "في الأدب الأموي: تجلياته وبناؤه التشكيلي" تأليف دكتور عبد المجيد الإسداويكتاب " في قصور الأمويين" تأليف محمد رجب البيوميكتاب " الشعر والشعراء" تأليف إبن قتيبة


شارك المقالة: