قصيدة - تبارك من ساس الأمور بقدرة

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “تبارك من ساس الأمور بقدرة”:

وأمّا عن مناسبة قصيدة “تبارك من ساس الأمور بقدرةٍ” فيروى بأنه وبينما كان الخليفة العباسي هارون الرشيد جالسًا في مجلسه ومعه الوزراء وعظماء أهل أمته عن يمينه وعن يساره، دخل عليه الخادم يعلن عن قدوم أبي نواس، فقال له هارون الرشيد: دعه ينتظر قليلًا، وعندما خرج الخادم، قال هارون الرشيد لجلسائه بأنّها فرصة لهم بأن يضحكوا على أبي نواس، وقال لهم بأنّه سيحضر لكل واحد منهم بيضة يخفيها في ثيابه، وعندما يدخل أبو نواس يجب عليهم أن يتكلموا بكلام يغضب الخليفة فيقول لهم أنتم ضعاف كالدجاج، وقال لهم: إن لم تفعلوا ذلك والله لأقطعنّ رقابكم، فقالوا له: سمعًا وطاعة أيّها الخليفة.

وعندها قام هارون الرشيد بطلب الخادم وأمره بأن يحضر له ست بيضات، من دون أن يراه أحد، خاصة أبو نواس، فذهب الخادم وأحضر البيضات كما أمره الخليفة، وأعطى لكل واحد منهم بيضة، وقاموا بتخبئتها بين ثيابهم، وجلسوا ينتظرون أبا نواس.

وعندما دخل أبو نواس سلّم على الخليفة وعلى الحاضرين، وجلس معهم، وإذ بأحدهم يتكلم، فغضب منه الخليفة وصاح فيه هو والجالسين: ويحكم أيّها الجبناء إنّكم كالفراخ، فإن لم يبض كل منكم بيضة والله لأقطعنّ رقبته، فبان عليهم الخوف والرّعب، وبدؤوا يفعلون كما يفعل الدجاج، وبعدها قام أحدهم بمد يده في ثيابه وأخرج بيضة، وقال للخليفة: هذه بيضتي أيّها الخليفة، وبدأ الآخرون باتباعه، فأخرج كل منهم بيضة، وكان هارون الرشيد يقول لكل من يخرج بيضة: لقد نجوت.

وعندما أتى دور أبي نواس وقف على قدميه واتجه نحو وسط المجلس، وأصبح أمام هارون الرشيد وجهًا لوجه، ثم قال: كاك، كاك، كاك، كما يفعل الديك، فقال له هارون الرشيد: ماذا تفعل يا أبا نواس؟، فقال له أبو نواس: هل رأيت في حياتك دجاجًا يبيض من دون ديك؟، هم الفراخ وأنا الديك، فضحك هارون الرشيد حتى وقع عن كرسيه، وقال له: إنّك خبيث وماكر، والله لو أنّك لم تفعل ما فعلت لكنت عاقبتك، وأمر له بالأموال والهدايا، فقال أبو نواس:

لقد دار في رسم الديار بكائي
وقد طال تردادي بها وعنائي

كأني مريعٌ في الديار طريدةً
أراها أمامي مرةً وورائي

فلما بدا لي حانٍ لا تهرّ كلابه
عليّ ولا ينكرن طول ثوائي

فما رمته حتى أتى دون ما حوت
يميني وحتى ريطتي وحذائي

وكأس كمصباح السماء شربتها
على قبلةٍ أو موعدٍ بلقاء

أتت دونها الأيام حتى كأنها
تساقط نورٍ من فتوق سماء

ترى ضوءها من ظاهر البيت ساطعاً
عليك ولو غطيته بغطاء

تبارك من ساس الأمور بقدرةٍ
وفضّل هاروناً على الخلفاء

نراك بخيرٍ ما انطوينا على التقى
وما ساس دنيانا أبو الأمناء

إمام يخاف الله حتى كأنّما
يؤمِّل رؤياه صباح مساء

أشمَّ طوال الساعدين كأنّما
يناط نِجادا سيفه بلواء


شارك المقالة: