قصيدة "تبدى في قميص الورد يسعى"

اقرأ في هذا المقال


مناسبة القصيدة

أمّا عن مناسبة قصيدة “تبدى في قميص الورد يسعى” فيروى بأنّه في يوم كان أبو نواس وأبو العتاهية ودعبل قد اجتمعوا في مجلس، وبقوا فيه ثلاثة أيام، فلما أتى اليوم الرابع قرروا الذهاب إلى منازلهم، فقال الشاعر أبو العتاهية: عند من نذهب اليوم؟، فال أبو نواس: نقول الشعر ومن كان شعره أفضل نذهب عنده، بينما هم يتشاورون عند من تكون جلستهم الليلة، أقبلت فتاة جميلة تشبه القمر في طلتها أو كالشمس المضيئة مرصعة بالمجوهرات الغالية يظهر عليها الدلال والعز، وكانت ترتدي ثلاثة أثواب من الحرير الأعلى كان لونه أبيض وأما الأوسط كان لونه أسود وبينما الأسفل فكان لونه الأحمر، فقال أبو نواس: كل منا يقول شعرًا في ثوبها.

فبدأ أبو العتاهية قائلاً باللون الأبيض:

تبدي في ثياب من بياض
بأجفان وألحاظ مراضِ

فقلتُ له: عبرت ولم تسلم
وإنّي منك بالتسليم راضِ

تبارك من كسا خديك ورداً
وقدك ميل أغصان الرياضِ

فقال نعم كساني الله حسنا
ويخلق ما يشاء بلا اعتراضِ

فثوبي مثل ثغري مثل نحري
بياضٌ في بياضٍ في بياضِ

ومن ثم قال دعبل في اللون الأسود:

تبدي في السواد فقلت بدراً
تجلى في الظلام على العبادِ

فقلتُ له: عبرت ولم تسلم
وأشمتَّ الحسود مع الأعادي

تبارك من كسا خديك ورداً
مدى الأيام دام بلا نفادِ

فقال: نعم كساني الله حُسناً
ويخلق ما يشاء بلا عنادِ

فثوبك مثل شعرك مثل حظي
سوادٌ في سوادٍ في سواد

فجاء دور أبو نواس لبقول الشعر فقال باللون الأحمر:

تبدى في قميص الورد يسعى
عذولي لا يلقب بالحبيب

فقلت من التعجب كيف هذا
لقد أقبلت في زيٍ عجيب

أحمرة وجنتيك كستك هذا
أم أنت صبغته بدم القلوب

فقال: الشمس أهدت لي قميصا
قريب اللون من شفق الغروب

فثوبي والمدام ولون خدي
قريبٌ من قريبٍ من قريب

عندما انتهوا من الشعر، وقد كانت الفتاة الحسناء تستمع لهم، فاقتربت منهم وقالت: السلام عليكم!، فردوا عليها السلام بكل إجلال واحترام، فقالت لهم أريد أن أعرف لما تقولون هذا الشعر بي، فأخبروها بالقصة وقالت لقد أحسن أبو نواس بما قال وغادرت، وهم مازالوا في حيرة من أمرهم.


شارك المقالة: