قصة قصيدة “تركت ابن هبار ورائي مجدلا”:
أمّا عن مناسبة قصيدة “تركت ابن هبار ورائي مجدلا” فيروى بأن القتال الكلابي قتل ابن عم له يدعى زياد، بعد أن رآه زياد واقفًا مع أخته، فأقسم عليه بأنّه إن رآه مرة أخرى ليقتلنه، ولكن الهبار عاد ووقف مع أخته، وعندما رآه أخذ سيفه وأراد أن يقتله، ولكن القتال وجد سيفًا وقتله به، وفر إلى أحد كهوف الجبال، وبعد فترة من اختباءه في الجبل أمسك به، وتم وضعه في السجن في دم ابن عمه الذي قتله، فحبس في ذلك السجن زمانًا.
وبينما القتال في السجن، كان هنالك رجل يدعى ابن الهبار القرشي من قريش إحنه، وكان بين ابن الهبار وبين ابن عمه عداوة، فعرف ابن عم الهبار بأن القتال في محبوس في سجن المدينة المنورة، فزاره في السجن، وجلس معه، وقال له: أخرجك من هذا السجن، ولكن إن أنا أخرجتك عليك أن تفعل لي أمرًا، فقال له القتال: حسنًا، ولكن ما الأمر الذي تريدني فيه، فقال له الرجل: أريدك أن تقتل ابن عمي المعروف بابن الهبار، ففكر القتال في أمر هذا الرجل، ووافق على شرطه.
ومن قال الرجل للقتال: سوف أقوم بإرسال حديدة إليك في داخل الطعام، وعليك أن تعالج بها قيدك حتى تقوم بفكه عن يداك، فإذا فككته عن يداك، ارجع وضعه عليهما، لكي لا يراك أحدهم ويعرف بأنّك قد فككته، وبعد ذلك عليك أن تذهب لمكان الوضوء، وبينما أنت هنالك تأكد من أنّه لا أحد يراك، ومن ثم أخرج وقم بالهرب من الحرس، فإذا خرجت، فإنّي سوف أكون بانتظارك في الخارج ومعي فرس تنجو به، وسيف تلوذ به عن نفسك، فقال له القتال: لقد رضيت.
وكان حرّاس السجن يخرجون المساجين للوضوء، وبالفعل عندما خرج القتال للوضوء، فعل كما قال له وخرج، وعندما خرج أتاه القرشي وخلصه وآواه حتى يئس العسكر من العثور عليه، ثم أعطاه سيفًا وقال له: أمّا انا فقد فعلت ما وعدتك به، الآن عليك أن تفعل ما وعدتني به، فقال له القتال: إنّي لفاعل ذلك، وخرج في طلب ابن الهبار حتى أدركه، وقتله، وقال قصيدة في خبر ذلك، قال فيها:
تَرَكتُ ابنَ هَبّارٍ وَرائي مُجَدِّلاً
وَأصبَحَ دوني شابَةٌ فَأَرومُها
بِسَيفِ امرِئٍ لَن أُخبِرَ الدَهرَ بِاسمِهِ
وَإِن حَضَرَت نَفسي إِلَيَّ هُمومُها