قصيدة - تضوع مسكا بطن نعمان إن مشت

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “تضوع مسكا بطن نعمان إن مشت”:

أمّا عن مناسبة قصيدة “تضوع مسكا بطن نعمان إن مشت” فيروى بأنّ محمد بن عبدالله بن نمير الملقب بالنميري قال في زينب بنت يوسف الثقفي ” أخت الحجاج بن يوسف الثقفي” قصيدة، وفيها يقول:

تَـضـوَّعَ مِـسـكـاً بَـطـنُ نُـعمانَ إِن مَشَت
بِهِ زيـــنَـــبٌ فـــي نِـــســوَةٍ عَــطــراتِ

فَـأَصـبَـحَ مـا بَـيـنَ الهَـمـاءِ فَـحُـزوَةً
إِلى الماءِ ماءَ الجَزعِ ذي العَشَراتِ

لَهُ أَرَجٌ مِــن مَــجـمَـرِ الهِـنـدِ سـاطِـعٌ
تَــــطــــلَّعُ رَيَّاـــهُ مِـــنَ الكَـــفـــراتِ

تَهـاديـنَ مـا بَـيـنَ المُـحَصَّبِ مِن مِنىً
وَأقــبَــلنَ لا شُــعــثــاً وَلا غَـبِـراتِ

أَعــانَ الَّذي فَـوقَ السَـمـاواتِ عَـرشَهُ
مَــواشــيَ بِــالبِــطــحــاءِ مُــؤتَـجَـراتِ

مَـــرَرنَ بَـــفَـــخٍّ ثُـــمَّ رُحـــنَ عَـــشِــيَّةً
يُـــلَبَّيـــنَ لِلرَّحـــمـــنِ مُــعــتَــمَــراتِ

يُـخـبِّئـنَ أَطـرافَ البَـنـانِ مِنَ التُقى
وَيَــقــتُــلنَ بِــالأَلحــاظِ مُــقـتَـدَراتِ

وَلَيـسَـت كَـأُخـرى أَوسَـعَـت جَنبَ دِرعِها
وَأَبـــدَت بَـــنــانَ الكَــفِّ لِلجَــمــراتِ

وَغـالَت بِـبـانِ المِـسـكِ وَحَـفا مُرَجَّلا
عَــلى مِــثــلِ بَــدرٍ لاحَ بِــالظُـلُمـاتِ

وَقـامَـت تَـراءى بَـيـنَ جَـمـعٍ فـأفَتَنَت
بِــرُؤيَــتِهــا مَــن راحَ مِــن عَــرَفــاتِ

تَــقَــسَّمــنَ لُبِّيـ يَـومَ نُـعـمـانَ أَنَّنـي
بُــليــتُ بِــطَــرفٍ فــاتِــكِ اللَحــظــاتِ

جَــلونَ وُجــوهـاً لَم تَـلُحـهـا سَـمـائِمٌ
حَــرورٌ وَلَم يَــســفَـعـنَ بِـالمُـسـبـراتِ

وعندما سمع الحجاج بهذه القصيدة التي قيلت في أخته توعَّد للنميري، فما كان من النميري إلّا أن يستجير بالخليفة عبد الملك بن مروان، وعندما استجار به ودخل إلى مجلسه، قال له أمير المؤمنين، أنشدني ما قلت في زينب بنت يوسف الثقفي، فأنشده القصيدة، وعندما وصل إلى قوله:

وَلَمـّـا رَأَت رَكـبَ النَـمـيـريِّ أَعـرَضَـت
وَكُـــنَّ مِـــن أَن يَـــلقـــيــنَهُ حَــذِراتِ

قال له الخليفة: وما هو ركبك؟، فقال له: أربعة من الحمير اعتدت أن أحمل عليها القطران، وثلاثة أخرى كنت أحمل عليها البعر، فضحك أمير المؤمنين، ثم قال له: لقد عظمت أمر ما تركب، ومن ثم قام بالكتابة إلى الحجاج بن يوسف الثقفي بأنّه ليس له من سبيل على النميري، وعندما وصل الكتاب إلى الحجاج، وضعه جانبًا ولم يقرأه، ثم ذهب من فوره إلى مجلس يزيد بن أبي مسلم، وقال له: إني والله بريء من بيعة الخليفة إن لم يمكنِّي من النميري، وإنّي أريد أن ينشدني النميري ما قاله في أختي، فإن أنشدني عفوت عنه، وهو آمن.

فبعث يزيد في طلب النميري، وطلب منه أن ينشد الحجاج ما قال في زينب، فأنشده، وحينما قال:

تَـضـوَّعَ مِـسـكـاً بَـطـنُ نُـعمانَ إِن مَشَت
بِهِ زيـــنَـــبٌ فـــي نِـــســوَةٍ عَــطــراتِ

قال له الحجاج: والله إنّك لكاذب، لم تكن أختي تتعطر حينما تخرج من المنزل، فأكمل النميري وعندما وصل إلى قوله:

وَلَمـّـا رَأَت رَكـبَ النَـمـيـريِّ أَعـرَضَـت
وَكُـــنَّ مِـــن أَن يَـــلقـــيــنَهُ حَــذِراتِ

قال له الحجاج: من حقها أن ترتاع، فهي من النساء الصالحات، فأكمل النميري حتى وصل إلى قوله:

مَـــرَرنَ بَـــفَـــخٍّ ثُـــمَّ رُحـــنَ عَـــشِــيَّةً
يُـــلَبَّيـــنَ لِلرَّحـــمـــنِ مُــعــتَــمَــراتِ

فقال له الحجاج: لقد صدقت، لقد كانت من النساء اللواتي يصمن ويعتمرن، وذلك خبري بها، فأكمل النميري، وعندما وصل إلى قوله:

يُـخـبِّئـنَ أَطـرافَ البَـنـانِ مِنَ التُقى
وَيَــقــتُــلنَ بِــالأَلحــاظِ مُــقـتَـدَراتِ

قال له الحجاج: والله إنّك قد صدقت، فهي تفعل ذلك، وهكذا تفعل النساء المسلمات، ثم قال له: ويحك، إنّ ما تقوله لقول بريء، وإنّي أرى بأن فزعك فزع مريب، والله إنّي قد أمنتك، وبالفعل لم يتعرض له.


شارك المقالة: