قصيدة تفديك نفسي من كل ما كرهت

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة تفديك نفسي من كل ما كرهت:

أمّا عن مناسبة قصيدة “تفديك نفسي من كل ما كرهت” فيروى بأنّ هارون الرشيد قام بسجن أبو العتاهية بعد أن قام بعض الكاذبين بالوشاية به عنده، فقام بوضعه في واحد من سراديب السجن، وكان لا يسمع إلّا أصوات الحشرات، ولا يستطيع رؤية شيء من شدة الظلام، ولم يكن له في هذا السجن لا أنيس ولا جليس سوى همومه التي تلوح فوق رأسه كالغراب في هذه العزلة الكئيبة.

وبينما هو في سجنه فكر أبو العتاهية بطريقة لكي يخرج من سجنه، وكونه شاعر فذ، كان من الطبيعي أن يقوم باستغلال موهبته لكي يحرر نفسه من سجنه ويعود لرؤية الضوء، وكان سبيله الوحيد للخروج هو السجّان، الذي كان الشخص الوحيد الذي يأتيه، فقد كان يحضر له الطعام كل يوم، فقرر أن يتخذه جسرًا يوصل عن طريقه شعره لأمير المؤمنين، ولكن هذا السجان كان لا يتكلم معه، ولا يبتسم له أبدًا.

وفي يوم وعندما دخل عليه السَّجان كعادته، وكان معه الماء والطعام، فقال له أبو العتاهية:

تَفديكَ نَفسي مِن كُلِّ ما كَرِهَت
نَفسُكَ إِن كُنتُ مُذنِباً فَاِغفِر

يا لَيتَ قَلبي مُصَوَّرٌ لَكَ ما
فيهِ لِتَتَيقِنَ الَّذي أُضمِر

وحفظ السجان هذان البيتين، وخرج من عند أبي العتاهية، وأخذ يرددهما أمام الناس، وأخذ الناس يرددوهما حتى وصلا إلى هارون الرشيد فرق لحاله، ووعد بأن يخرجه من سجنه، ولكنّه بعد ذلك طال بقاؤه في السجن، فعاد إلى شعره وقال:

أَرِقتُ وَطارَ عَن عَيني النُعاسُ
وَنامَ السامِرونَ وَلَم يُواسوا

أَمينَ اللَهِ أَمنُكَ خَيرُ أَمنٍ
عَلَيكَ مِنَ التُقى فيهِ لِباسُ

تُساسُ مِنَ السَماءِ بِكُلِّ بِرٍّ
وَأَنتَ بِهِ تَسوسُ كَما تُساسُ

كَأَنَّ الخَلقَ رُكِّبَ فيهِ روحٌ
لَهُ جَسَدٌ وَأَنتَ عَلَيهِ راسُ

أَمينَ اللَهِ إِنَّ الحَبسَ بَأسٌ
وَقَد أَرسَلتَ لَيسَ عَلَيكَ باسُ

وقال أيضًا:

إِنَّما أَنتَ رَحمَةٌ وَسلامَه
زادَكَ اللَهُ غِبطَةً وَكَرامَه

قيلَ لي قَد رَضيتَ عَنّي فَمَن لي
أَن أَرى لي عَلى رِضاكَ عَلَمَه

وَحَقيقٌ أَلّا يُراعَ بِسوءٍ
مَن رَآكَ اِبتَسَمتَ مِنهُ اِبتِسامَه

لَو تَوَجَّعتَ لي فَرَوَّحتَ عَنّي
رَوَّحَ اللَهُ عَنكَ يَومَ القِيامَه

وعندما وصل شعره إلى الخليفة هارون الرشيد أمر يإطلاق سراحه.


شارك المقالة: