قصة قصيدة رب بيضاء ذات دل وحسن:
أما عن مناسبة قصيدة “ربّ بيضاء ذات دلٍّ وحسن” فيروى بأن الحجاج قرر في يوم النزول إلى سجن المدينة، ورؤية حال المساجين، وبالفعل في اليوم التالي جهز الحجاج نفسه، وخرج من قصره، واتجه نحو السجن، ودخل إلى السجن، وأخذ يمشي فيه، ويتفقد أحوال المساجين، وبينما هو في ذلك مرّ بسجين، وكان هذا السجين جالسًا في زنزانته، وكان ظاهرًا عليه الظلم والحزن، فدخل إليه الحجاج، وقال له: ما هو جرمك؟، فقال له الرجل: أصلحك الله أيها الأمير، لقد أخذني عسسك، وإني مخبرك بحالي.
وأكمل الرجل قائلًا: إن كان الكذب ينجي، فإن الصدق أولى بالنجاة، فقال له الحجاج: وما هي قصتك؟، فقال له الرجل: إنّ لي أخًا، ولقد أمرتَ أيها الأمير به أن يبتعث إلى خراسان، فجمع رحيلته وغادر متجهًا إلى هنالك، وكان لأخي زوجة، وكانت زوجته تجد بي وأنا لا أقبل بذلك، وفي يوم بعثت إلى برسول، وقالت لي بأن كتابًا قد أتى من أخي، وطلبت مني أن أذهب لعندها لكي أقرأه لها، فخرجت من بيتي، وقصدت بيت أخي، ودخلت وجلست.
وأكمل الرجل قائلًا: وعندما جلست، دخلت علي زوجة أخي، وجلست معي، وأخذت تشغلني بالحديث، حتى أتى موعد صلاة العشاء، فقمنا وصلينا، ومن بعد الصلاة، عادت زوجة أخي وجلست معي، وأخبرتني بما كان في نفسها، ودعتني إلى السوء، فرفضت ذلك، فقال لي: والله إن لم تفعل ما أريدك أن تفعل، لأصيحن بأعلى صوت وأقول بأنك لص، ولكني ومع تهديدها رفضت أيضًا، وعندها صرخت المرأة بأعلى صوتها، فخرجت من البيت هاربًا، وكان أهون علي أن أقتل من أن أخون أخي، وبينما ظانا هارب أدركني العسس، وأخذوني إلى الحاكم، فحكم علي بالسجن، وأنشد الرجل قائلًا:
ربّ بيضاء ذات دلٍّ وحسن
قد دعتني لوصلها فأبيت
لم يكن شأني العفاف ولكن
كنت ندمان زوجها فاستحيت
وعندما سمع الحجاج قصته، وعده بأن يتحرى الحقيقة، وعندما عاد إلى قصره أمر رجاله بأن يحضروا زوجة أخاه، وعندما أتت المرأة مثلت أمام الحجاج، سألها عن خبر القصة، وتوعدها بأنه سوف يعاقبها أشد العقوبات إن هي كذبت عليه، فأخبرته بالحقيقة، وعندما عرف الحجاج صدق حديث الرجل، أمر بإطلاق سراحه.
قائل هذه القصيدة:
قال هذه القصيدة الشاعر النميري، تناقل العرب شعره لما فيه من معانٍ وجمال.