قصة قصيدة “كسر الغلام زجاج نافذة البنا”:
أمّا عن مناسبة قصيدة “كسر الغلام زجاج نافذة البنا” فيروى بأنّه في يوم كان طفل يلعب في حديقة المنزل، وبينما هو يلعب كسر زجاج النافذة، فسمع أبوه صوت تكسر الزجاج، وبدأ الوالد يصرخ ويقول: من الذي كسر الزجاج؟، فقال له أحدهم: ولدك، فلم يتمالك الوالد أعصابه، ومسك بعصا غليظة، وتوجه نحو الطفل، وانهال عليه بالضرب، فبدأ الولد بالبكاء والصراخ، حتى توقف الوالد عن ضربه، وبعد أن انتهى الوالد من الضرب، جرّ الولد نفسه إلى غرفته، وهو يشكو من الألم، وأمضى ليلته باكيًا فزعًا.
وفي الصباح دخلت أم الولد إلى غرفته، تريد أن توقظه من النوم، فرأت يداه وقد تغير لونهما، وأصبحت مائلة للخضرة، فصاحت على زوجها، فأتى الأب وعندما رأى يديه وما حصل لهما وقف وعلى وجهه ملامح الدهشة، ومن ثم قام الأب بنقل ابنه إلى المستشفى، وعندما دخل الطبيب وفحصه، وجد أن يداه متسممتان، فقد كان في العصا التي ضرب فيها الوالد ابنه مسامير، وكان قد أصابها الصدأ، ولم ينتبه لها الأب لما كان فيه من غضب، فقرر الطبيب أنّه لا بدّ من أن تقطع يدا الطفل، حتى لا يتسرب السم إلى باقي جسمه، فوقف الأب لا يعرف ماذا يفعل، وماذا يقول، فقال له الطبيب: لا بدّ من أن يتم ذلك، فإذا لم نقطع كفيه اليوم، ربما نضطر إلى قطع اليد إلى المرفق في الغد، ومن ثم نضطر إلى قطعها إلى الكتف، فكلما تأخرنا كان ذلك خطرًا عليه وعلى صحته.
فلم يجد الأب سبيلًا إلّا أن يوافق على أن تقطع يدا ابنه، وأن يوافق على أن تتم العملية، فقام الأطباء بقطع يديه، وحينما أفاق الطفل بعد العملية، وجد يداه مقطوعتان، فنظر إلى أبيه وقال له: والله لن أكسر شيئًا بعد اليوم، ولكن أعد إلي يداي، فلم يتحمل الأب ما سمعه من ابنه، وصعد إلى سطح المستشفى، ورمى بنفسه، فكانت نهايته.
وقال في ذلك الشاعر عدنان عبد القادر أبو المكارم:
كسر الغلام زجاج نافذة البنا
من غير قصد شأنه شأن البشر
فأتاه والده وفي يده عصا
غضبان كالليث الجسور إذا زأر
مسك الغلامَ يدق أعظم كفه
لم يبق شيئاً في عصاه ولم يذر
والطفل يرقص كالذبيح ودمعه
يجري كجري السيل أو دفق المطـر
نام الغلام وفي الصباح أتت له
الأم الرؤوم فأيقظته على حذر
وإذا بكفيه كغصن أخضر
صرخت فجاء الزوج عاين فانبهر
وبلمحة نحو الطبيب سعى به
والقلب يرجف والفؤاد قد انفطر
قال الطبيب وفي يديه وريقة
عجّلْ ووقّعْ هاهنا وخذ العبر
كف الغلام تسممت إذ بالعصا
صـدأ قديم في جوانبها انتشر
في الحال تقطع كفه من قبل أن
تسري السموم به ويزداد الخطر
نادى الأب المسكين واأسفي على
ولدي ووقّعَ باكيا ثم استتر
قطع الطبيب يديه ثم أتى به
نحو الأب المنهار في كف القدر
قال الغلام أبي وحق أمـي
لا لن أعود فرُدََّ ما مني انبتر
شُدِهَ الأب الجاني وألقى نفسه
من سطح مستشفىً رفيعٍ فانتحر