قصة قصيدة “لعمرك ما خشيت على دريد”:
أمّا عن مناسبة قصيدة “لعمرك ما خشيت على دريد” فيروى بأن دريد بن الصمّه قد شارك في غزوة حنين، وهي غزوة وقعت في السنة الثامنة للهجرة بين المسلمين وقبيلتي هوازن وثقيف بالقرب من مكة، وكان وقتها يبلغ من العمر مائة عام، وعندما هزم المسلمون هوازن وثقيف، فرّ جمع من إلى الطائف وكان معهم مالك بن عوف، وفرّ الجمع الآخر إلى نخلة، وكان مِن مَن فرّ إلى نخلة دريد بن الصمّة، , وقام صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم باللحاق بمن توجهوا إلى نخلة، ولحق ربيعة بن رفيع بن أهبان “الملقب بابن الدغنة، والدغنة هي أمه” بدريد بن الصمّة، وظنّ بادئ الأمر أنه امرأة، وذلك لأنّه كان في هودج، فأخذ بخطام الناقة، وأناخها، وإذ بشيخ كبير وهو دريد، فقال له دريد: ماذا تريد بي؟، فردّ عليه ربيعة قائلًا: أقتلك.
وعندما عرف دريد بن الصمة مبتغى ربيعة قال له: ومن أنت، فردّ عليه قائلًا: أنا ربيعة بن رفيع، ومن ثم ضربه بالسيف ولكنّه لم يستطع أن يصبه، فقال له ربيعة: بئس السيف الذي أعطتك إياه أمك، ثم قال له: خذ سيفي من مؤخرة رحلي في الهودج، واضربني به، وارفع عن العظام، واخفض عن الدماغ، فاني كنت أضرب الرجال كذلك، وعندما تعود إلى أمك قل لها بأنّك قد قتلت دريد بن الصمّة، فقام ربيعة بضربه بسيفه وقتله، وعندما عاد ربيعة إلى أمه الدغنة أخبرها بأنه قد قتل دريد بن ربيعة، فقالت له أمّه: أمّا والله لقد أعتق لك أمهات ثلاثًا.
وعندما وصل خبر مقتل دريد بن الصمّة إلى ابنته عمرة، أنشدت ترثيه قائلة:
لعمرك ما خشيت على دريد
ببطن سميرة جيش العنـاق
جزى عنه الإله بني سليـم
وعقتهم بما فعلـوا عقـاق
وأسقانـا إذا قدنـا إليهم
دماء خيارهم عند التلاقي
فرب عظيمة دافعت عنهـم
وقد بلغت نفوسهم التراقي
ورب كريمة أعتقت منهـم
وأخرى قد فككت من الوثاق
ورب منوه بك مـن سليـم
أجبت وقد دعاك بلا رماق
فكان جزاؤنا منهـم عقوقا
وهما ماع منه مخ ساقي
عفت آثار خيلك بعـد أين
بذي بقر إلى فيف النهاق
قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا
فظل دمعي على السربال ينحدر
لولا الذي قهر الأقوام كلهـم
رأت سليم وكعب كيف تأتمر
إذن لصبحهـم غباً وظاهرة
حيث استقرت نواهم جحفل ذفر