قصيدة - لعمري لقد لاحت عيون كثيرة

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “لعمري لقد لاحت عيون كثيرة”:

أمّا عن مناسبة قصيدة “لعمري لقد لاحت عيون كثيرة” فقد عرف عن الأعشى بأنّه لا يمدح أحدًا إلّا رفع من شأنه، ولا يهجو أحدًا إلّا حطّ من شأنه، وكان من يريد أن يُرفع من شأنه، يذهب إلى الأعشى ويستميله إلى جانبه، لعله يقوم بمدحه، فإذا قام الأعشى بمدحه رفع من شأنه، وفي يوم قالت زوجة المحلق الكلابي له ” وقد كان له بنات قد كبرن، ولم يتزوجن، فاقتربن من أن يصبحن عوانس“: ما يمنعك من التعرض لهذا المسمّى بالأعشى، فلم أر أحد من قبل قد أماله إليه إلّا وكسب منه خيرًا، فقال لها: ويحك يا زوجتي، أنا لا أملك إلّا هذه الناقة، وما عليها من حمل، فقالت له: إنّ الله لا ينسى عبيده، وسوف يخلفك خيرًا منها.

فقام الكلابي من فوره، وذهب إلى الأعشى، فأدركه وقد كان ابنه معه يقتاده وهو على ناقته، فأمسك بلجام الناقة من يد الولد، فقال له الأعشى: من أنت لكي تمسك بلجام ناقتي؟، فقال له الكلابي: أنا المحلق، فقال له الأعشى: إنّك والله لكريم وشريف، فقام الكلابي بإنزاله عن ناقته، ومن ثم نحر له الناقة، وسلخها، وأقام له مأدبة كبيرة، فجلس الأعشى يتناول الطعام، وبينما هو كذلك، أحاطت به بنات الكلابي، وعندما انتبه إليهن، سأل الكلابي، وقال: من هؤلاء اللواتي يجلسن من حولي؟، فقال له: بناتي، وأكمل تناول الطعام، ومن ثم غادر.

وعندما غادر الأعشى بيت الكلابي، توجه إلى سوق عكاظ، وأخذ يمشي فيه، وبينما هو يمشي، كان ينشد قائلًا:

لَعَمري لَقَد لاحَت عُيونٌ كَثيرَةٌ
إِلى ضَوءِ نارٍ في يَفاعٍ تُحَرَّقُ

تُشَبُّ لِمَقرورَينِ يَصطَلِيانِها
وَباتَ عَلى النارِ النَدى وَالمُحَلَّقُ

رَضيعَي لِبانٍ ثَديَ أُمٍّ تَحالَفا
بِأَسحَمَ داجٍ عَوضُ لا نَتَفَرَّقُ

يَداكَ يَدا صِدقٍ فَكَفٌّ مُفيدَةٌ
وَأُخرى إِذا ما ضُنَّ بِالزادِ تُنفِقُ

تَرى الجودَ يَجري ظاهِراً فَوقَ وَجهِهِ
كَما زانَ مَتنَ الهِندُوانِيُّ رَونَقُ

وَأَمّا إِذا ما أَوَّبَ المَحلُ سَرحَهُم
وَلاحَ لَهُم مِنَ العَشِيّاتِ سَملَقُ

نَفى الذَمَّ عَن آلِ المُحَلَّقِ جَفنَةٌ
كَجابِيَةِ الشَيخِ العِراقِيِّ تَفهَقُ

يَروحُ فَتى صِدقٍ وَيَغدو عَلَيهِمُ
بِمِلءِ جِفانٍ مِن سَديفٍ يُدَفَّقُ

وَعادَ فَتى صِدقٍ عَلَيهِم بِجَفنَةٍ
وَسَوداءَ لَأياً بِالمَزادَةِ تُمرَقُ

تَرى القَومَ فيها شارِعينَ وَدونَهُم
مِنَ القَومِ وِلدانٌ مِنَ النَسلِ دَردَقُ

وعندما سمع الناس ما كان ينشد الأعشى، تسابقوا إلى بيت الكلابي، لكي يتزوجوا بناته، فزوج كل بناته، وأصبح من الأغنياء بعد أن كان فقيرًا.


شارك المقالة: