قصيدة لولا الحياء لعادني استعبار

اقرأ في هذا المقال


يعد بيت الشعر “لولا الحياء لعادني استعبار” من الأبيات الشعرية التي حظيت باهتمام كبير من النقاد والأدباء، وذلك لما يحمله من معانٍ عميقة ودلالات واسعة. يرتبط هذا البيت ارتباطًا وثيقًا بقيمة الحياء في المجتمع، وكيف أن هذا الخلق الفاضل يكبح جماح الإنسان عن ارتكاب الأفعال السيئة، في هذا المقال، سنتناول تحليلًا دقيقًا لهذا البيت، محاولين استكشاف دلالاته المتعددة وأبعاده الفنية.

قصة قصيدة لولا الحياء لعادني استعبار:

أمّا عن مناسبة قصيدة “لولا الحياء لعادني استعبار” فيروى بأنّ زوجة الجرير ماتت، وكان الجرير يحبها حبًا كبيرًا، فحزن وتألم من فراقها ألمًا شديدًا، ورثاها بقصيدة تعتبر من أصدق قصائد الرثاء، وذلك لأنّه في الجاهلية كان رثاء الزوجة البكاء عليهن ممنوعًا في عاداتهم وتقاليدهم، وكانوا يعتبرون ذلك أمرًا معيبًا، ورغم كل هذا فقد قام الشاعر جرير بكسر العادات والتقاليد في زمنه، وقال مرثيته التي أصبحت كالنار على العلم، وأصبح جرير بذلك أول شاعر يرثي زوجه، ولم يسبقه إلى ذلك أي من شعراء العصر الأموي أو العصور التي قبله، وقال جرير في مرثيته:

لَولا الحَياءُ لَعادَني اِستِعبارُ
وَلَزُرتُ قَبرَكِ وَالحَبيبُ يُزارُ

وَلَقَد نَظَرتُ وَما تَمَتُّعُ نَظرَةٍ
في اللَحدِ حَيثُ تَمَكَّنَ المِحفارُ

استهل جرير قصيدته بقوله لولا الحياء “وذلك لأنّ رثاء الزوجة كان معيبًا”، ويقول بأنّه لولا الحياء لبكيت على فراقك ولزرت قبرك؛ لأنّك زوجتي وحبيبتي ومن حق الحبيب أن يزار، ويعبر جرير عن حاله عندما وضعوا جثمان زوجته في القبر، وعن آخر نظرة ألقاها عليها قبل أن يواروا جثمانها.

وقال أيضًا:

وَلَّهتِ قَلبي إِذ عَلَتني كَبرَةٌ
وَذَوُو التَمائِمِ مِن بَنيكِ صِغارُ

أَرعى النُجومَ وَقَد مَضَت غَورِيَّةً
عُصَبُ النُجومِ كَأَنَّهُنَّ صِوارُ

يقول الجرير بأنّ زوجته تركت له أبناء يحتاجون لحنانها وعطفها، ويحتاجونها أيضًا لكي ترعاهم، وهو لا يستطيع أن يقدم ذلك لهم، فهو رجل كبير، وهو أيضًا يحتاج للرعاية والحنان حاله كحال أطفاله، ويعبر عن حاله من بعدها ولا يوجد لديه من يؤانسه فأصبح أنيسه مطالعة النجوم.

وَلَقَد أَراكِ كُسيتِ أَجمَلَ مَنظَرٍ
وَمَعَ الجَمالِ سَكينَةٌ وَوَقارُ

وَالريحُ طَيِّبَةٌ إِذا اِستَقبَلتِها
وَالعِرضُ لا دَنِسٌ وَلا خَوّارُ

يصف جرير في هذين البيتين زوجته، فهي وعلى الرّغم من شدة جمالها، فهي هادئة رزينة، وهي صاحبة خُلق، فأخلاقها حميدة، ولم تفعل في حياتها  ما قد يدنس عرضها.

أَفَأُمَّ حَزرَةَ يا فَرَزدَقُ عِبتُم
غَضِبَ المَليكُ عَلَيكُمُ القَهّارُ

عيّب الفرزدق على زوجة الجرير، وتألم جرير من تعليقاته ألمًا شديدًا، واستعجب من ذلك فهو يخاطب الفرزدق قائلًا أتعيب زوجتي ظلمًا، وبسبب هذا الظلم سوف يغضب عليك الله.


شارك المقالة: