قصة قصيدة “وأطلس عسال وما كان صاحبا”:
كل قصيدة في الشعر تحلو، ووراء حروفها هدف وغاية سنكتبها ونبحر في هواها، فهذه القصيدة التي كتبها همام بن غالب التميمي الملقب “بالفرزدق” لضخامة في وجهه وهو من أشهر شعراء العصر الأموي، أمّا عن هذه قصيدة التي تحمل عنوان “الشاعر والذئب”، فإنّ لها قصة جميلة وشيقة حيث يقول فيها، إنّ ابنة عمه التي تدعى “النوار” قد خطبها رجل من قبيلتها ولكن النوار لا تريده، فطلبت من الفرزدق أن يكون وليها، فطلب منها: أن تشهد الناس أنّه وليها ففعلت.
فقال الفرزدق أمام الناس: أيّها الناس أشهدكم أنّني زوجت النوار من نفسي، فغضبت منه وهربت إلى والي الحجاز والعراق الزبير واستنجدت به، لكن الفرزدق احتال عليها حتى أعادها وتزوجها، غير أنّه لم يستطيع إسعادها وحصل خلاف بينهما فطلقها وهذا الموقف صوره لنا الفرزدق بقصته مع الذئب الجائع الذي زاره في الليل وأراد مشاركته في الطعام ثم حاول غدره بعد أن أطعمه.
فربط الفرزدق بين الذئب والنوار في هذه القصيدة التي نلمس في طياتها ما أراد أن يقول الفرزدق أنّ النوار والذئب كانا من أهل الغدر.
نص قصيدة “وأطلس عسال وما كان صاحبا”:
وَأَطلَسَ عَسّالٍ وَما كانَ صاحِباً
دَعَوتُ بِناري موهِناً فَأَتاني
فَلَمّا دَنا قُلتُ اِدنُ دونَكَ إِنَّنيوَ
إِيّاكَ في زادي لَمُشتَرِكانِ
فَبِتُّ أُسَوّي الزادَ بَيني وَبَينَهُ
عَلى ضَوءِ نارٍ مَرَّةً وَدُخانِ
فَقُلتُ لَهُ لَمّا تَكَشَّرَ ضاحِكاً
وَقائِمُ سَيفي مِن يَدي بِمَكانِ
تَعَشَّ فَإِن واثَقتَني لا تَخونَني
نَكُن مِثلَ مَن يا ذِئبُ يَصطَحِبانِ
وقال أيضاً:
وَإِنّا لَتَرعى الوَحشُ آمِنَةً بِنا
وَيَرهَبُنا إِن نَغضَبَ الثَقَلانِ
فَضَلنا بِثِنتَينِ المَعاشِرَ كُلَّهُم
بِأَعظَمِ أَحلامٍ لَنا وَجِفانِ
جِبالٌ إِذا شَدّوا الحُبى مِن وَرائِهِم
وَجِنٌّ إِذا طاروا بِكُلِّ عِنانِ
فقال في نهاية القصيدة:
سَيَجزي وَكيعاً بِالجَماعَةِ إِذ دَعا
إِلَيها بِسَيفٍ صارِمٍ وَسِنانِ
خَبيرٌ بِأَعمالِ الرِجالِ كَما جَزى
بِبَدرٍ وَبِاليَرموكِ فَيءَ جَنانِ
لَعَمري لَنِعمَ القَومُ قَومي إِذا دَعا
أَخوهُم عَلى جُلٍّ مِنَ الحَدَثانِ
إِذا رَفَدوا لَم يَبلُغِ الناسُ رِفدَهُم
لِضَيفِ عَبيطٍ أَو لِضَيفِ طِعانِ
فَإِن تَبلُهُم عَنّي تَجِدني عَلَيهِمُ
كَعِزَّةِ أَبناءٍ لَهُم وَبَنانِ