قصة قصيدة “ولما أن رأيت بني حصين”:
أمّا عن مناسبة قصيدة “ولما أن رأيت بني حصين” فيروى بأنّه كان للقتال الكلابي زوجة وهي بنت ورقاء بن الهيثم بن الهصان، وكان وقتها له جيران من بني الحصين بن الحويرث بن كعب، وكان له زوجة أخرى تكنّى بأم رياح وهي بنت ميسرة بن نفير بن الهصان واسمها صفية، وهي أم جنوب بنت القتال.
وفي يوم سافر القتال من المدينة المنورة، ومكث في سفره بضع أسابيع، وعندما عاد من سفره، أناخ ناقته بجانب بيته، ودخل إليه، وعندما دخل فوجئ بوجود أحد رجال بني حصين عند زوجته صفية بنت ورقاء، ويدعى جرير، وعندما رأى الجرير قتال نهض من مجلسه، فسأل القتال زوجته عنه، فقالت له صفية أم رياح: إنّنا في هذا البيت لا نزال نسمع ما لا يعجبنا، وما لا نقبل به، وعندما سمع القتال ذلك غضب غضبًا شديدًا، وطلّق زوجته، وقد كانت في وقتها حامل منه، وبعد أن طلقها ولدت له ابنًا وسمته المسيب، فقال القتال في ذلك قصيدة، قال فيها:
وَلَمّا أَن رَأَيتُ بَني حُصَينٍ
بِهِم جَنَفٌ إِلى الجاراتِ بادِ
خَلَعتُ عِذارَها وَلَهيتُ عَنها
كَما خُلِعَ العِذارُ مِنَ الجَوادِ
وَقُلتُ لَها عَلَيكِ بَني حُصَينٍ
فَما بَيني وَبَينِكِ مِن عَوادِ
أُناديها وَما يَومٌ كَيَومٍ
قَضى فيهِ إِمرُؤٌ وَطَرَ الفُؤادِ
فَرُحتُ كَأَنَّني سَيفٌ صَقيلٌ
وَعَزَّت جارَةُ إِبنِ أَبي قُرادِ
وفي يوم قام كلاب بن ورقاء بن حذيفة من قبيلة كلاب بنحر ناقة، وصنع وليمة، وجمع رجال القوم عليها، وبينما هم يأكلون قال كلاب بن ورقاء: كلوا أيّها الفتيان، فإنّ الطعام فيكم أفضل منه في الشيوخ، فاستنكر القتال ما قال كلاب وكان جرير بن الحصين من بين الرجال الحاضرين، وقال له: والله إنّي خير للفتيان منك، وإنّي أرى بأنّ الرجل عندما رأى المرأة قد أعجبت أحدهم، طلقها له، فقام جرير بن حصين وضرب القتال بالسوط على أنفه، وعندما أراد بنو الحصين أن يعطوا القتال حقه من جرير لم يقبل ذلك، وخرج حتى أدرك ولداه المسيب وعبد السلام.