نبذه عن عبد الرحمن الداخل:
هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، ولد سنة مائة وثلاثة عشر للهجرة في قرية دير حنا في بلاد الشام، يكنّى بأبي المطرف.
عندما قام العباسيون ببناء دولتهم، قاموا بتعقب الأمويين وقتلهم، خوفًا من أن يعودوا ليطالبوا باسترداد ملكهم، وبعد أن قتلوا منهم ما قتلوا استتر الآخرون، وعندها فرّ عبد الرحمن الداخل مع أخيه يحيى إلى المغرب، ولكنّ أخاه قتل قبل أن يصلوا، وبقي في المغرب خمسة أعوام، ثم دخل الأندلس عام مائة وثمان وثلاثين للهجرة، وتولى الإمارة فيها، وعاش في قرطبة في فترة حكمه التي امتدت لثلاثة قرون.
كان رجلًا حلمه راجح، علمه راسخ، فهمه ثاقب، عزمه نافذ، حازمًا، سريع إلى النهضة، لا يخلد إلى الراحة، لا يكل الأمور إلى غيره، ولا ينفرد في إبرامها برأيه، شجاعًا مغوارًا، قليل الطمأنينة، شاعرًا بليغًا، لسانه طلق، كان يحضر الجنائز، ويصلي عليها، ويصلي في الناس إذا كان حاضرًا الجمع والأعياد، ويخطب فيهم، وكان يعود المرضى.
قصة قصيدة يا نخل أنت غريبة مثلي:
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا نخل أنت غريبة مثلي” فيروى بأنّ عبد الرحمن الداخل كان له حديقة في قرطبة كأنّها جنة من شدة جمالها، وكان في هذه الحديقة نخلة، ومن هذه النخلة تولدت كل نخيل بلاد الأندلس، وفي يوم دخل عبد الرحمن إلى هذه الحديقة، ووقف أمام النخلة، فتذكر بلاده وبأنّه يعيش في بلاد ليست ببلاده، فأنشد في غربته، قائلًا:
يَا نَخْلُ أَنْتِ غَرِيبَةٌ مِثْلِي
فِي الْغَرْبِ نَائِيَةٌ عَنِ الأَصْلِ
فَابْكِي وَهَلْ تَبْكِي مُكَيَّسَةٌ
عَجْمَاءُ لَمْ تُطْبَعْ عَلَى خَيْلِ
لَوْ أَنَّها تَبْكِي إذًا لَبَكَتْ
مَاءَ الْفُرَاتِ وَمَنْبِتَ النَّخْلِ
لَكِنَّهَا ذَهِلَتْ وَأَذْهَلَنِي
بُغْضِي بَنِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَهْلِي
يخاطب عبد الرحمن النخلة التي أمر بإحضارها من المغرب فزرعها في حديقة واهتم بها ويقول لها بأنّها غريبة حالها كحاله.
وفي هذه النخلة قال أيضًا:
تبدَّتْ لنا وسْطَ الرُّصافة نخلةٌ
تناءتْ بأرضِ الغرب عن بلد النخلِ
فقلتُ شبيهي في التغرُّب والنوى
وطولِ الـتَّنائي عن بَنِيَّ وعن أهلي
نشأتِ بأرض أنتِ فيها غريبةٌ
فمثلُكِ في الإقصاءِ والمُنْتأى مثلي
سقتكِ غوادي المُزْن من صَوبها الذي
يسِحُّ وتستمري السِّماكَين بالوَبل