ما لا تعرف عن قصيدة “يعرف الذنب ولا يعترف”:
أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة فهو محمد بن عبد الملك بن زهر الإبادي يكنى “أبو بكر”، يعدّ نابغة مو نوابغ الأدب والطب في الأندلس، فقد خدم دولة الملثمين ودولة الموحدين، فقد أخذ عن أبيه صناعة الطب فكان أعلم واحد في عصره.
أَيُّها الساقي إِلَيكَ المُشتَكى
قَد دَعَوناكَ وَإِن لَم تَسمَع
بدأ الشاعر في مطلع القصيدة بالشكوى للذي يقدم الماء للشرب حيث قال: أيها الساقي إليك أشكو حزني أناديك بصوت عالي ولكنك لم تسمعني بل تتجاهلني وتتاهر بأنك لا تسمع ما أشكي لك من أحزاني وهمومي.
وَنَديمٌ هِمتُ في غُرّتِه
وَشَرِبت الراحَ مِن راحَتِه
كُلَّما اِستَيقَظَ مِن سَكرَتِه
جَذَبَ الزِقَّ إِلَيهِ وَاِتَّكا
وفي هذا البيت ينتقل الشاعر إلى وصف مجالس الشرب ويتضح ذلك من خلال مصاحبة الشاعر لمجالس الشرب فقد وصفها أنها تولع بجمال وجهها حبًا، فقد جمع الشاعر بين النديم والاستيقاظ فقد قال هذا النديم كان كلَّما استيقظ من نومه الخفيف يتناول كأسًا من الخمر. في هذه الأبيات تهر عاطفة الشكوى لبعد المعشوقة عنه.
وَسَقاني أَربَعاً في أَربَع
غُصنَ بانٍ مالَ مِن حَيثُ اِستَوى
في هذا البيت يتغزل الشاعر بالمحبوبة ويصف جمالها فقد شبهها بالغصن الذي يتحرك فتحرك مشاعره.
باتَ مَن يَهواهُ مِن فَرطِ النَوى
خافِقُ الأَحشاءِ موهونُ القُوى
كُلَّما فَكَّرَ في البَينِ بَكى
ما لَهُ يَبكي لِما لَم يَقَع
يكمل الشاعر في قصيدة عن الحديث عن المحبوبة حيث قال: إنه أصبح ضعيفًا بسبب حبه له بل أنه تعلق بها ويقول كلَّما أبتعدت عني أبكي على فراقها.
ما لِعَيني عَشيت بِالنَظَرِ
أَنكَرَت بَعدَكَ ضوءَ القَمَرِ
وهنا يصف المحبوبة ويقول لها أن جمالك فاق وزاد على جمال هذا القمر.
عَشِيَت عَينايَ مِن طولِ البُكا
وَبَكى بَعضي عَلى بَعضي مَعي
يكمل الشاعر في حديثه عن المحبوبة ويقول لها: إذا أردت أن تسمعي أخباري أن عيني أصابها الضعف بسبب مواصلتي للبكاء على بعدكِ ويقول لها أيضاً أن جميع أعضائي لقد شاركتني في ألمي وهمومي وهي تبكي معي أيضاً.
لَيسَ لي صَبرٌ وَلا لي جَلَد
يا لَقَومي عَذَلوا وَاِجتَهَدوا
أَنكَروا شَكوايَ مِمّا أَجِدُ
مِثلُ حالي حَقُّها أَن تَشتَكي
كَمَد اليَأس وَذُلَّ الطَمَعِ
كَبدٌ حَرّى وَدَمعٌ يَكِفُ
يَعرِفُ الذَنبَ وَلا يَعتَرِفُ
أَيُّها المُعرِضُ عَمّا أَصِفُ
قَد نَما حُبُّكَ عِندي وَزَكا
لا تَقُل إِنّي في حُبِّكَ مُدّع
