قصيدة - يقول رجال زوجوها لعلها

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة “يقول رجال زوجوها لعلها”:

وأمّا عن مناسبة قصيدة “يقول رجال زوجوها لعلها” فيروى بأنّه في يوم قام مالك بن عمرو الغساني بزيارة النعمان بن البشير، وأطال في الزيارة، وفي يوم وبينما هو يمشي في الديار رأى ابنة عم النعمان، فأعجب بها وأعجبت به، فذهب وطلبها من ابن عمها للزواج، فقال له النعمان: نعم الزوج أنت، فاذهب إلى أبيها واطلبها منه، وسوف أوصي بك عنده، فذهب وطلبها من أبيها، فوافق ووافقت، وتزوجها، وكان كل منهما يحب الآخر حبًا كبيرًا، ولكنّها كانت قد اشترطت عليه أن يعتزل القتال شفقة عليه وحبًا له، فقد كان مالك من الفرسان الشجعان، الذين لا يتوانون عن القتال، ولكنّه في يوم غزا حيًا من لخم، وباشر في القتال.

وبينما كان مالك بن عمرو الغساني يقاتل أصيب، وأثقلته الجراح، فأنشد قائلًا:

ألا ليتَ شِعري عن غزالٍ تركتُه،
إذا ما أتاهُ مصرعي كيفَ يَصْنَعُ؟.

فَلَوْ أنّني كنتُ المُؤخَّرَ بَعدَهُ،
لَما بَرِحَتْ نفسي عَلَيه تَطَلّعُ.

ومن بعد أن أصيب مالك بن عمرو الغساني في تلك الغزوة مكث يومًا وليلة ومن ثم مات من جراحه، ووصل خبر وفاته إلى زوجته، فحزنت عليه حزنًا شديدًا، وبكت عليه سنة كاملة، ومن ثم ربط لسانها فامتنعت عن الكلام، وكثر من يريدون خطبتها، فقد كانت وعلى الرغم من حزنها على زوجها وبكائها لتلك الفترة الطويلة، ومن عدم قدرتها على الكلام ما زالت فائقة الجمال، حيث كان يعجب فيها كل من يراها، فاجتمع أعمامها وأولاد عمومتها واتفقوا على أن يزوجوها لعل لسانها يعود إلى الكلام، وتخرج من حالة الحزن التي أثقلت على كاهلها، وقد تقدم إلى خطبتها أحد أبناء الملوك، وقدم إليها مهرًا فيه ألف من البعير، وفي اليوم الذي تقدم إليها وساق إليها البعير، قامت على باب غرفتها وأنشدت قائلة:

يقولُ رِجالٌ: زَوِّجوهَا لَعَلّهَا
تَقَرُّ، وترْضى بعدَهُ بخَلِيلٍ.

فأخفَيتُ في النّفسِ التي ليسَ بعدَها
رَجاءٌ لهم، والصّدقُ أفضَلُ قِيلِ.

وَحَدّثَني أصْحابُهُ أنّ مالِكاً
أقامَ، ونادَى صَحَبَهُ بِرَحيلِ.

وَحَدّثَني أصْحابُهُ أنّ مالِكاً
ضَرُوبٌ بِنَصْلِ السيفِ غيرُ نكولِ.

وَحَدّثَني أصْحابُهُ أنّ مالِكاً
خَفِيفٌ على الأحْداثِ غيرُ ثَقيلِ.

وَحَدّثَني أصْحابُهُ أنّ مالِكاً
صرومٌ كماض الشّفرَتينِ صَقيلِ.

المصدر: كتاب "الشعر والشعراء" تأليف إبن قتيبةكتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "موسوعة شعراء العصر الجاهلي " تأليف عبد عون الروضانكتاب "في الشعر الجاهلي" تأليف طه حسين


شارك المقالة: