“أنا لا أريدُ تغيير قوانين العالم، أريدُ أنْ لا تسلب قوانين العالم ما تبقّى منّي”
بثينة العيسى
أنا أقل مما تظن ..الفراغات تملؤني بالطول والعرض.. أنا رقعة شطرنج.
مختبئة بين أعمدة الكتب وأقرأ، تحرسني أرواح الشعراء والفلاسفة، أصنعُ صداقات مع أبطال الروايات، وأعيشُ حيوات مفارقة.
يا قويّ، امنحني القوّة! قوّة العشبة التي تجرح الجدار،قوّة القطرة التي تثقب الحجر، قوّة الصّلاة التي تستجلبُ المطر.
الاحتفاء بالدّهشة لم يعد أمراً جيداً، التوغّل عميقاً في شهقة الوجود لم يعد مقبولاً. الآن فهمت، فهمتُ بأنّه كان يجدر بي أنْ أفعل كل شيء في الصّمت، تحت أستارٍ و أستارٍ من الّلاشعور. البلادة إذن هي فضيلة الأنوثة الحقّة.
أحتضن دماري لأكتب، أنا مكسورة في داخلي، اجبرني يا جبار، علّمني كيف أصلّي، صلاة تخصني وحدي، آتني لغتي، آتني لغتي يا رب الُّلغة، آتني لغتي كي ابتهل لك، لك السبحانُ والمجد، آتني لغتي جميعها، آتنيها كي أفكر، كي أكون، كي أعرفني، وكي أعرفك.
ثمّة ما هو غير مفهوم في شعور الضحايا بالعار من كونهم ضحايا، هناك دائماً ذلك الصوت الّلئيم الذي ينبثق من أعماقك و يردّد: ما كان عليّ أن أخطئ و أصير ضحية.
الكتابة فعل إنصات أكثر منها فعل بوح، و في منطقة ما وسيطة، يتخلّق النص، و كلما نأيت بنفسك عن نفسك و يمّمتَ شطر العالم الذي يوجد في داخلك، كلّما صرتَ شاعراً.
من أنا؟ هذا الشيء الذي يحاولون كسره و طمسه و وأده، هذا الشّيء الخطر على ما يبدو، الذي يهدّد بتقويض النّظام بمجرد قراءة رواية؟ نعم هو.
كنتُ متعبة من كوني أنا، غير مسموح لي أنْ أكون أنا، و لا أستطيع إلا أنْ أكون أنا. كنتُ متعبة و مُنهكة و مُنتهية و لكنّني لا أملكُ ترف الإحساس بتعبي، إذ علي أنْ أحارب من أجل الإبقاء على الخيارات القليلة و الشاحبة المتبقية لدي. أنْ أنتصر لي، لي أنا.
ربّ البيانِ وخالق الإنسان، آتني السين لكي أسلو، آتني الشين لكي أشعر، لكي أخرج خضراء مثل شجرة، آتني الّلغة يا رب الّلغة.
كيف أُفلِحُ في إقناع شخص مقتنع تماماً بأنّ الحقيقة تقع في جيبه الخلفي؟