عرفت الثرثرة في جميع لغات العالم، ففي اللغة الصينية كانت تدعى (شندان)، وفي اللغة الفنلندية كانوا يطلقون عليها مفهوم (يوارو)، وفي اللغة الإيطالية كان الشعب الإيطالي يطلقون عليها مفهوم ( بتغلزو)، كما كان يطلق عليها الشعب الإسباني ما يسمى ب (تشيزمى)، فقد كانت الثرثرة معروفةً على مستوى العالم، وفي العديد من اللغات كانت تحمل كلمة الثرثرة مضمون سلبي، لكن في اللغة العربية كان يطلق حول الثرثرة أنها (الكلام الزائد)؛ أي الحوار حول الأمور العادية، لكن عن قياسها على نحو الاهتمام فقد اكتسبت المضمون السلبي كذلك.
أصل مثل “كثرة الكلام تحجب المعنى”:
عند العودة إلى أصل المثل نجد أنه من دولة فرنسا، حيث خرج الشعب الفرنسي مخاطباً به كافة أطياف المجتمع الغربي والعربي، ويعود السبب في ذلك إلى أن المثل الفرنسي احتوى على مضمون الكلام وما يضفي إلى كثرته، فصفة الكلام لا تقتصر على فئة معينة من البشر، بل أنها تمتد لتشمل كافة الأطياف البشرية في جميع أنحاء العالم، حيث أن لا يوجد هناك شخص على وجه الكرة الأرضية لا يتكلم، إلا بعض الحالات التي أصيبت بالخرس، مما جعل الدول الغربية تقوم بأخذه وترجمته ونشره بين كافة الدول التي توجد فيها، بالإضافة إلى قيام المجتمعات العربية بأخذه وترجمته وتداوله أيضاً.
مضمون مثل “كثرة الكلام تحجب المعنى”:
أشار المثل الفرنسي إلى أن كثرة الكلام والثرثرة تؤدي إلى حجب المعنى والمفهوم المراد التكلم عنه، أو الذي يدور محور الكلام حوله، فكثير ما نلاحظ في الدول الغربية والأوروبية كافة تعطي القليل من الكلام الذي يحتوى المضمون المهم المراد الحديث عنه، حيث أنها لا تتطرق إلى الكثير من الكلام حول الموضوع.
حيث تحدث علماء النفس المشهورين جون سابينى وموري سيلفر حول هذا الموضوع بقولهم: (لديكم واجب التكلم، والثرثرة هي طريقة ممتعة سهلة ومقبولة عالمياً لإتمام الواجب)، حيث أوضحوا بقولهم إلى حد ما يسمح بالكلام الزائد والثرثرة من أجل أن تكون مجرد وقود تفيد المحادثة وتمهد لها كوسيلة ملائمةً فقط، فلا يجب أن نلجأ إلى الكثير من الكلام من أجل أن نجذب انتباه الآخرين ونصبح مقبولين لديهم، بالإضافة إلى أن كثرة الكلام تؤدي إلى تعدي حدود الذوق السليم واللباقة، إذ تقوم بتزيين الواقع والمبالغة فيه.