صاحب المقولة
وكِيع بن سَلَمة بن زُهير الإيَادي، من قبيلةِ إياد؛ وهو من قُضاة العرب في الجاهلية. وَلِيَ أمر البيت الحرام بعد قبيلةِ جُرهُم( وهم أصل العرب، الذين سكنوا مكة حول البيت الحرام أيام إسماعيل عليه السلام وامّه هاجر)، فَبنى هذا الرجل صرحاً( بناءً عالياً) بأسفل مكة، وجعل فيه سُلَّماَ، فكان يَرقَاهُ ويصعد عليه، ويَزعُم أنّه يُناجِي الله تعالى. وكان علماء العرب – في الجَاهلية – يَزعُمون أنه من الصِّدّيقِين.
قصة المَقولة والمَثل
قِيلَ أنَّ أولُ مَنْ قَال ذلك” وَكِيعُ بن سلمة بن زهير بن إياد”، وكان وَلِيَ أمْرَ البيت بعد قبيلة جُرْهُم، فبنى صَرْحاً بأسفل مكة عند سُوقَ الخَيَّاطين اليوم، وجعل فيه أمَةً( جارية)، يُقَال لها حَزْورَة، وبها سُمّيت حَزْوَرة مكة، وجعل في الصَّرح سُلَّماً، فكان يَرْقَاهُ ويزعم أنّه يُناجي الله تعالى، وكان يَنطقَ بكثير من الخَبَر.
وكان علماء العرب يَزعُمون أنّه صِدِّيقَ من الصِّديقين، وكان من قوله:” مُرْضِعَة أو فاطمة، ووَادِعَة وقَاصِمة، والقَطيعة والفَجيعة، وصِلَة الرَّحم، وحُسن الكلام”؛ ومن كلامه: زعَمَ رَبّكم لَيَجزِينَّ بالخير ثواباً، وبالشَّر عقاباً، إنَّ مَنْ في الأرض عَبيدٌ لمن في السماء، هَلَكت جُرهم، ورَبَلت إياد( ربلت إياد: كثرت ونمت وزادت).
فلمَّا حَضرته الوفاة جَمع إياداً فَقَال لهم: اسمعوا وصيَّتي، الكَلِمُ كَلِمتان، والأمرُ بعد البَيَان، من رَشَدَ فاتَبِعُوه، ومن غوَى فارفُضُوه، وكلّ شَاةٍ بِرجلها مُعَلَّقة، فصارت مَثَلاً بين الناس.
ومات وكيع فَنُعيَ على الجبال، وفيه يقول بَشير بن الحُجَير الإيادي:
ونَحْنُ إيَادُ عبادُ الإلهِ * وَرَهْط مُنَاجِيه في سُلَّمِ
وَنَحْنُ وُلاةُ حِجَابِ العَتِيق* زَمَانَ النُّخَاعَ على جُرْهُم
ويُقَال: إنَّ الله سَلَّط على جُرهم دَاءً يُقَال له النُّخاع، فهلك منهم ثمانون كَهلاً( أي شيخاً كبيراً) في ليلة واحدة سِوى الشُّبّان، وفيهم قَال بعض العرب:
هَلَكتْ جُرْهُمُ الكِرَامُ فعَالاً * وَولاَةُ البَنيِّةِ الحُجَّابُ
نُخِعُوا لَيلَةً ثَمَانُونَ كَهْلاً * وشَبَاباُ كَفَى بهم من شَبَابِ