صاحب المقولة
الطَّمّ بن عيّاش السَّدوسيِّ؛ سيّد بني سَدُوس من قبائل العرب، وكان رجلاً كريماً جواداً، يُطعِمُ القَريب والغريب، وقد عُرِف بِقِدرٍ عظيمة كان يطبخ فيها الطّعام ويُطعم النّاس.
قصة المقولة والمَثل
كانت عند بني سَدُوس قِدرَاً عاديَّة عَظيمة تأخذ جَزُورَيْن( تَتَّسِع لِجَمَلين)، وكان الطَّمّ بن عياش السَّدوسي سيّد قومهِ بني سَدُوس يُطعِم فيها الطَّعام للناس الفقراء وعابري السبيل وغيرهم من قومه؛ حتى هَلكَ وماتَ الطَّم، ولَمْ يكُن له في قَومه خَلَفٌ يَخلفهُ في إطعام الطعام للناس، ولا أحد يُطعم ويطبخ في تلك القِدْر.
وقد خَلَتْ قدْرُ بني سَدُوس من الطَّبخِ طويلاً، حتى جاء رجلٌ من بني عامر يُقَال له” مِلهاب بن شهاب” فَمَرَّ بهم ليلةً، فلم يُنزَل ولم يُقْرَّ( أي لمْ يستَظيفهُ أحدٌ من بني سَدُوس، ولم يُطعمهُ)، فلمَّا ارتحلَ عنهم فَرَّ مُغَاضِباً وهو يَرتجز الشِّعر ويقول:
يَا صَاحِ رَحِّلْ ضَامِرَات العِيْسِ * وَابْك على الطَّمِّ وحَبْرِ القُوسِ
فقدْ خَلَتْ قِدْرُ بَنِي سَدُوسِ * وَضَنَّ فِيْهَا بِقِرىً خَسِيسِ
وَسَادَهُمْ أنْكَسُ ذُو تُيُوسِ * قَبَّحَهُ المَلِيْكُ مِنْ رَئِيْسِ
لَيْسَ بِمَحْمُودٍ وَلاَ مَرْغُوْسِ * فَمَا تُبًلِي كُنْتَ فِي السدُوسِ
أوكُنْتَ فِي قَوْمٍ مِنَ المَجُوسِ * أو في فلاً قَفْرٍ مِنَ الأنِيْسِ
ثمَّ رَجِعَ إلى قومه، فسألوه عن بني سَدُوسِ وقِدْرِهم المشهورة والمعروفة بين العرب، فحدَّثهم بأمرها، فصار مَثَلاً على ألسنة الناس، لكلِّ ما أتى عليه الدهر وتَغيَّر عما عُهد عليه.