في معظم الأحيان يكون نكران الجميل أسلوب الكثير من الناس، فينشأ ذلك مع طبيعتهم البشرية، حيث نضرب النار بأيدينا على أقدامنا، ونقطع اليد التي تطعمنا، ونخرق سفينتنا بأيدينا، ونكسر الجذع الذي نستندي عليه، فلماذا؟وبالمختصر المفيد هناك العديد من الطرق التي نلحق من خلالها الضرر بالمصالح التي نرزق منها.
قصة مثل “لا تعض اليد التي تمتد لك”:
في قديم الزمان كان هناك ملك، قام بتجويع عشرة من الكلاب التي يمتلكها؛ حتى إذا جاء يوم وأغضبه أحداً من وزرائه أو أخطىء في حقه أن يرميه للكلاب حتى يأكلوه.
وفي أحد الأيام، قام أحد الوزراء بطرح رأيه في أمر ما على الملك، فلم يعجب الملك برأيه، فأمر الحاشية بأن يقوموا برميه إلى الكلاب، فقال الوزير: بعد ما قضيت عشرة سنوات في طاعتك وخدمتك أترى هذا هو جزائي؟، فطلب منه طلبه الأخير، وهو أن يمهله الملك عشرة أيام قبل تنفيذ الحكم فيه، فوافق الملك على طلبه.
ذهب الوزير وقتها إلى الحارس المسؤول عن الكلاب، وطلب منه أن يقوم بخدمة الكلاب لمدة عشرة أيام فقط، فوافق الحارس، بدأ الوزير بالاعتناء بالكلاب بتغسيلهم كل يوم وإطعامهم، وأمن لهم كل سبل الراحة، وبعد انقضاء العشرة أيام، جاء الوقت لتنفيذ الحكم بالوزير.
قام الملك وحاشيته بزجه في سجن الكلاب، وأخذوا بالنظر إليه، وكيف سيأكله الكلاب، فتعجب الملك والحاشية مما شاهدوه؛ حيث جاءت جميع الكلاب تنبح تحت قدمي الوزير، فسأله الملك: ماذا فعلت للكلاب؟ فأجابه الوزير: قدمت للكلاب الخدمة لمدة عشرة أيام فقط، لكنها وفية، فلم تنسى الكلاب معروفي معها، أما أنت فخدمتك عشرة سنين، ونسيت كل ذلك في لحظة واحدة، ومن هنا جاءت قصة هذا المثل.
العبرة من المثل:
على الإنسان أن يتعلم كيف يحفظ الجميل، ويتذكر محاسن الناس معه، وأن يصون العشرة بينه وبين الآخرين، ولا يحبذ أن ينسى ما قُدم له من معروف، وأن يتناسى العشرة، وعدم الإساءة إلى من قدم له الخدمة يوماً ما، فالإنسان الحكيم يُبدى بنفسه من رد المعروف بالمعروف، وعدم رد الإساءة بمثلها، فإصلاحه لنفسه يبدأ منه إصلاح المجتمع بأكمله.
وقد جاء هذا المثل لنصح وإرشاد وتوجيه الناس، بعدم نكران الجميل ورد المعروف بمعروف مثله، واحترام الناس وتقدير مكانتهم.