صاحب المقولة
محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن خَميس بن نَصر بن قيس الخزرجي؛ مُؤسس دولة بني نَصر، وأول ملوك مملكة غرناطة ما بين عامي( 1238م و 1273م). ويُرجع المُؤرّخون نَسبهُ للصحابي” سعد بن عبادة” سيّد الخَزرج، وأحد أكابر الصحابة.
يُكنَّى أبا عبدالله، ويُلقَّب ب( الغالب بالله)؛ ويُعرفُ أيضاً” بمحمد الأول” و ب” ابن الأحمر” نظراً لِنَظَارةِ وجههِ، واحمرارِ شَعرهِ، ويَشتَهر في الرُّواية القَشتالية باسم[ Alhamar].
وُلدَ محمد بن يوسف عام 1194م، في بلدة” أرجونة”؛ التي كانت تتبع آنذاك إقليم قرطبة، وهي اليوم من مدن إقليم جَيَّان. ويُقال بأنَّ مسقط رأسه كان في القَصر الذي يُقام مكانه اليوم مَشفى” سان مغيل” Hospital San Miguel” في ساحة سانتا ماريَّا.
كان أجداده من بني نَصر مُستقرِّين في مملكة سرقسطة إلى حدود عام 1118م، وهو تاريخ سقوطها بيد الملك الأراغوني” الفونسو الأول”، وبعد سقوطها هاجروا جنوباً نحو أرَجونَة.
قصة المقولة
هذه الجُملَة التي كانت شعار أمراء آل نصر بغرناطة, والتي تُشَاهَد في زخرفة قصرِ الحمراء، وباقي قصور مملكة غرناطة. والتي سَطَع نَجمها في القرن الثالث عشر، عندما انسَلَّت بسرعة خيوط السُّلطة من يدِ الإمبراطورية المُوَحدِيّة( المُوحدِين)؛ فَحلّت مَحلّها في المَغرب قبيلة بربرية أخرى هم” المَرِينيّون”؛ بينما كانت الأندلس قد انتَثَرت إلى عِدّة ممالك للطَّوائف سقطت الواحدة تلو الأخرى بيد الجيوش النصرانية. وفي سنة 1236م، سقطت نهائياً قرطبة عاصمة الخلافة أمام زحف الممالك النصرانية.
أمام تقدّم” قَشتالة” من الشمال، ” وأراغون” من الشرق، والبرتغال من المغرب، استطاعت مملكة غرناطة الأندلسية لوحدها الإستمرار لمُدّة تقارب قَرنين ونصف منذ سقوط قُرطبة، وذلك بعد أنْ تحوّلت إلى مملكة تابعة لقشتالة.
منذ ذلك التاريخ، أصبحت غرناطة تَدفع جِزية إلى قشتالة بعد معاهدة الخِزي والعَار التي وقَّعهَا ابن الأحمر مع فرناندو الثالث ملك قشتالة، وأهمّ بُنودها:{ أنْ يَدفع ابن الاحمر جِزية لفرناندو مقدارها 150 ألف دينار ذهبي؛ وأنْ يَحضُر ابن الأحمر بلاط الملك فرناندو كأحدِ وُلَاتهِ؛ وأن يَحكُم بنو الأحمر غرناطة باسم فرناندو؛ وأنْ يُساعد ابن الأحمر فرناندو في حروبه ضد الأعداء}.
والأعداء الذينَ أشارت إليهم بنود الإتّفاقيّة، كانوا أهل مملكة أو إمارة إشبيلية الإسلامية المجاورة، فَغزاها ابن الأحمر مع فرناندو وحاصرها جيشه سبع عشر شهراً كاملة، حتى سقطت إشبيلية إلى الأبد.
استقبل أهل غرناطة ابن الأحمر؛ استقبال الأبطال الفاتحين، وظَلّوا يهتفون:《 الغالب ~ الغالب》؛ وابن الأحمر يَعتَريهِ الجَزَع والأسى، لِعلمِهِ بِذُلّهِ وجُرمهِ العظيم في حق الإسلام والمسلمين؛ فظَلَّ يَردُّ عليهم ويقول:” لا غالب إلا الله ”؛ واتَّخذها منذ ذلك الحين شِعاراً لمملكته. في إشارةٍ واضحةٍ إلى مستوى الإحباط الذي وصل إليه بعد تَحليله الشَّامل لحالة الأندلس، بعد سقوط مملكة أشبيلية.
كان ابن الأحمر يعلم أنَّ الحرب لم تَنتَهِ و أن هدفها ليس امتلاك الأراضي والثَّروات، بلْ تدمير ثقافة وحضارة مختلفة عن شُعوب الشمال. حَسْرَة ابن الأحمر دَفعتهُ لتَزيينِ كلّ زوايا قصر الحمراء بهذه الجملة التّذكاريّة( لا غالب إلا الله)؛ هذا التّذكار والكَفَّارة لحربٍ ضِدَّ الإخوة؛ أتَتْ على حضارةٍ لنْ يعود مثلها؛ فَقَدْ فَهِم ابن الأحمر الخطأ؛ فَحَفرهُ في جدران الحمراء؛ لجعلهِ عِبرَة للأجيال القادمة؛ مُتَمَثّلاً قولهِ تعالى:” الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا”.