فضل السورة:
في الترمذي والنسائي وسنن أبي داود. عن عبد الله بن حبيب قال: «خرجنا في ليلة مطر وظلمة، نطلب النبي ﷺ ليصلّي لنا، فأدركناه، فقال: قل. فلم أقل شيئا. ثم قال: قل. فلم أقل شيئا. ثم قال: قل. قلت: يا رسول الله، ما أقول؟ قال: قل: قل هو الله أحد والمعوذتين، حين تمسي وحين تصبح، ثلاث مرات، تكفيك من كل شيء».
أنواع الشرور المُستعاذ منها في المعوذتين:
قال ابن القيم رحمه الله:
الشر الذي يصيب العبد لا يخلو من قسمين:
- إمّا ذنوب وقعت منه: يعاقب عليها، فيكون وقوع ذلك بفعله وقصده وسعيه. ويكون هذا الشر هو الذنوب وموجباتها. وهو أعظم الشرين وأدومهما، وأشدهما اتصالاً بصاحبه.
- وإمّا شر واقع به من غيره: وذلك الغير إمّا مكلف أو غير مكلف، والمكلف إما نظيره، وهو الإنسان، أو ليس نظيره، وهو الجني. وغير المكلف: مثل الهوام وذوات الحمة – السَّمُ – ، وغيرها.
فتضمنت هاتان السورتان الاستعاذة من هذه الشرور كل بأوجز لفظٍ وأجمعه وأدله على المراد وأعمَّه استعاذةً، فأعظم ما يخافه العبدُ: ذنوبه، ووالله ما حُرم العبدُ خيراً عظيماً إلّا بسبب ذنوبه، وما حلت النقمُ والبلايا والمحن على العبدِ إلا بسبب الذنوب والمعاصي.
فالشر الأول من الذنوب والمعاصي يعاقب عليها: كسارق تُقطع يده، أو زانٍ يُرجم، نسأل الله العفو والعافية.
والشر الثاني واقعٌ به من غيره: من الإنسان أو الجني أو الهوام، وما جاء في الحديث عن سمعت سهل بن حنيف رضي الله عنه يقول: (مررنا بسيل فدخلت فاغتسلت فيه فخرجت محموماً، فنمي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: مروا أبا ثابت يتعوذ، قالت: فقلت: يا سيدي! والرقى صالحة؟ فقال: لا رقية إلّا في نفس أو حُمة أو لدغة.
والمعنى: أنّك عندما تستعيذ برب الفلق، قال تعالى( قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ (١) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (٢)) صدق الله العظيم، فأنت تستعيذ من كل مخلوق حتى من نفسك كما جاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت قال يا أبا بكر قل : اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم.
السر في الاستعاذة برب الفلق :
لماذا تم تخصيص الاستعاذة بالفلق- ؟؟
الجواب: قال ابن القيم رحمه الله تعالى: الفلق: الصبحُ الذي مبدأ ظهور النور وهو الذي يطرد جيشَ الظلام وعسكر المفسدين في الليل فيأوي كلُ خبيثٍ وكلُ مفسد وكل لص وتأوي الهوام والشياطين، فأمر الله تعالى عباده أن يستعيذوا برب النور الذي يطرد ويقهر كل هذه الظلمة.