لكیلا تأسوا على ما فاتكم

اقرأ في هذا المقال


قيل في الحكمة يجب عليك أن تشعر بالامتنان لكل من الحب، والحزن اللذين مررت بهما في حياتك.

أحيانا يقوم شخص بتقديم خدمة جليلة إليك فتشكره، كذلك هناك محطات تمر في الإنسان على رأسها أحزانك، فالإنسان في مراحل عمره يمر بمراحل مختلفة من المشاعر، بالحزن على ما فقد، والفرح على ما نال وحصل والأحزان هي أحد الجنود التي تهجم عليك، وتتسلط عليك لكي تقوم بتحريرك من التقديس الزائد من الدنيا والأشخاص والأشياءالتي تمتلكها، فعندما تفقد شخص يُغالب عليك الحزن الشديدـ لفقده، وتشعر أنَّك فقدت الدنيا بأكملها وأحياناً تفقد أحد الأشياء التي تحبها وتشعر أنَّك فقدت الأمل .

فأنت مدعو إلى التحرُّر من سيطرة النفس والأشياء التي تسيطر عليك وتسجنك في سجنها الداخلي، فالنبي الكريم صلّى الله عليه وسلم يرشدنا عندما يقول ” تعس عبد الدنيا، تعس عبد الدينار والدرهم،إن أعطي رضي وإن لم يعطى لم يرضى” وهذا لا يعني أنْ نغلق باب الحزن !! طبعاً لا ، فالحزن في طبيعة الإنسان البشرية، ولكن هذا الكلام فيه تخفيف من الحمل الثقيل الذي ينتابنا عندما نُصاب بمصيبة الفقد يقول النبي صلى الله عليه أيضا في هذا المعى : عجباً لأمر المؤمن إنْ أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر وليس ذلك إلَّا للمؤمن ” فالأمر كلُّه خير لا تحزن ولا تقلق.

فالله يريد أن يعلمنا أنَّ الدنيا دار للفناء، والتشبُّث الزائد بالدنيا سبب من أسباب إضطراب الحياة والنفس والروح، لأنَّه كلما امتلكت شيئاً أصابتك فرحةٌ عارمة تأخذك وتجذبك عن من أرسلها اليك، وكلَّما فقدت شيء أصابتك حسرة شديدة، فحالك كحال الطِّفل الذي فقد أشياءه، وألعابه ، فتأتي الأحزان لكي تعطينا درس في الحياة وهو” أنَّه لا بقاء إلَّا لله، المتاع، الأشخاص، والمال، وحتى لا تتعلَّق كمال التعلُّق بالمتاع، بل تتعلَّق بالله الباقي، فهو الباقي، وغيره فإنَّ، وتأتي الأحزان من أجل أن تنزع الهلع الدائم والخوف المقلق من المشاعر المبالغ فيها .

يقول صاحب كتاب تفسير فتح البيان في تفسير هذه الآية (لكيلا تأسوا) لقد أخبرناكم بأنه قد فرغنا من التقدير لا تحزنوا على ما فاتكم من الدنيا وسعتها أو من العافية وصحتها (ولا تفرحوا) أي لا تبطروا بطر المختال الفخور بما أعطاكم، وهو من الفرح الملهي عن الشكر، ولا تحزنوا على ما أصابكم من مصائب المعاش.

 قال الإمام جعفر بن الصادق رضي الله تعالى عنه: يا ابن آدم مالك تأسف على مفقود لا يرد إليك الفوت ومالك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت.

الخلاصة

الخلاصة : تقبَّل الأحزان والمشاعر المؤلمة لأنَّها تحمل في طياتها دروس لك، وتقبل وافرح بأحزانك لأنَّها لن تستمر للأبد، وتعلُّق بالباقي، وتذكَّر أنَّ الزَّمن سيمضي وأنَّ الحياة ستنتهي، وسيأتي اليوم الذي ستلتئم فيها جروحك وتشفى بإذن الله .


شارك المقالة: