ما لا تعرف عن قصة قصيدة لا يسلم الشرف الرفيع

اقرأ في هذا المقال


تعتبر قصيدة “لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم” للمتنبي واحدة من أبرز قصائده وأكثرها إثارة للجدل، لطالما حظيت هذه الأبيات باهتمام النقاد والباحثين، كلٌ يسعى لفهم المعنى الكامن وراء هذه العبارة القوية والمباشرة، تتجاوز هذه القصيدة كونها مجرد نص شعري، فهي تعبير عميق عن فلسفة الشرف والكرامة عند العربي، وتثير تساؤلات حول طبيعة الشرف الحقيقي، وكيفية الحفاظ عليه.

نبذة عن أبو الطيب المتنبي

أمَّا عن التعريف بالشاعر أبو الطيب المتنبي: فهو أحمد بن الحسين الجعفي الكندي ولد في الكوفة سنة (303_354هــ)، نُسب الى قبيلة كندة؛ لأنه ولد فيها، نشأ محباً للعلم والأدب؛ حيث ظهر ذلك من خلال مرافقته للعلماء والأدباء في مجالسهم.

كان أبو الطيب المتنبي يتميز بالذكاء وقوة الحفظ واجتهاده، كما أنّه أظهر موهبته الشعرية مبكراً؛ وذكراً نظراً لكونه كان متأثر بقصائد الشعراء القدماء والشعراء المعاصرين له.

أمَّا عن تسمية المتنبي بهذا الاسم: كان أبو الطيب المتنبي شاعراً يفتخر بنفسه، حيث أطلق عليه الكثير لقب الغرور لدرجة أنّه ادعى النبوة في صحراء الشام حتى أنّ كثير منن الناس اتبعوه، ولكن عندما سمع سلطان الدولة حمض بذلك قام باعتقاله، وبقي المتنبي معتقلاً الى أن تاب وبعد ذلك أطلق سراحهُ ومن هنا لقب بالمتنبي.

قصة قصيدة لا يسلم الشرف الرفيع

مناسبة قصيدة “لا يسلم الشرف الرفيع” عندما مرّ المتنبي على إسحاق بن إبراهيم كان محافظاً على طريق طرابلس فطلب منه أن يمدحه فاعترض أبو الطيب وحلف أن لا يمدح أحداً في الطريق فقام إسحاق باعتقاله عن الطريق ولما فارقه هجاهُ ومدح أبا العشائر، قائلاً:

لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى
حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ

يُؤذي القَليلُ مِنَ اللِئامِ بِطَبعِهِ
مَن لا يَقِلُّ كَما يَقِلُّ وَيَلؤُمُ

الظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد
ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ

يَحمي اِبنَ كَيغَلَغَ الطَريقَ وَعِرسُهُ
ما بَينَ رِجلَيها الطَريقُ الأَعظَمُ

أَقِمِ المَسالِحَ فَوقَ شُفرِ سُكَينَةٍ
إِنَّ المَنِيَّ بِحَلقَتَيها خِضرِمُ

وَاِرفُق بِنَفسِكَ إِنَّ خَلقَكَ ناقِصٌ
وَاِستُر أَباكَ فَإِنَّ أَصلَكَ مُظلِمُ

وَغِناكَ مَسأَلَةٌ وَطَيشُكَ نَفخَةٌ
وَرِضاكَ فَيشَلَةٌ وَرَبُّكَ دِرهَمُ

وَاِحذَر مُناواةَ الرِجالِ فَإِنَّما
تَقوى عَلى كَمَرِ العَبيدِ وَتُقدِمُ

وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي
عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ

يَمشي بِأَربَعَةٍ عَلى أَعقابِهِ
تَحتَ العُلوجِ وَمِن وَراءٍ يُلجَمُ

وَجُفونُهُ ما تَستَقِرُّ كَأَنَّها
مَطروفَةٌ أَو فُتَّ فيها حِصرِ

صلة قصيدة لا يسلم الشرف الرفيع بالواقع المعاصر

رغم مرور قرون على كتابة هذه القصيدة، إلا أنها لا تزال تحمل أهمية كبيرة في عصرنا الحاضر، فمفهوم الشرف والكرامة لا يزال قائمًا في العديد من المجتمعات، وإن تغيرت أشكاله وصوره، يمكننا أن نرى صدى لهذه القصيدة في العديد من الأحداث المعاصرة، حيث يضحي الناس بأرواحهم دفاعًا عن قيمهم ومبادئهم.

قصيدة “لا يسلم الشرف الرفيع” هي أكثر من مجرد أبيات شعرية، فهي مرآة تعكس عمق الحس الإنساني وقيمه الأساسية. قد تختلف التأويلات لهذه القصيدة باختلاف الزمان والمكان، ولكنها تبقى شاهداً على قوة الكلمة وقدرتها على التأثير في النفوس.


شارك المقالة: